مستقبل التعليم (3)
إن إعادة دراسة «التموضع» الجغرافي للمدارس لتكون في كل منطقة سكنية مدرسة أو حضانة، والتزام القطاع الخاص بالإسهام والمساعدة قدوة، فالمسؤولية مشتركة. وبمراجعة الدروس المستفادة من إحدى مدن الدولة، نرصد جميع المدارس الخاصة برمتها وبمراحلها كافة على امتداد شارع واحد، ليصل الأمر بمن يفكر في إحضار أولاده، وكأنه ذاهب إلى معركة من معارك الحياة، وربما يأخذ معه أدوية الضغط.
كما يمكن أن نطرح إمكانية إعادة النظر في نظام الفصول الدراسية الثلاثة. وهنا يجب استغلال الذكاء الاصطناعي والبشري في رصد وقياس أثر هذا النظام المعتمد حالياً، على دافعية الطلبة ومستواهم التعليمي والنفسي. فالعديد من أولياء الأمور والميدان التعليمي والتربويون والمعنيون بسلامة وحماية الطفل، لاحظوا انخفاض دافعية الطلبة للتعلم، نتيجة للتوزيع الزمني غير المتوازن بين الدراسة والإجازة، فالعودة للدراسة بعد إجازة طويلة تمتد لشهرين، تليها بعد مضي ثلاثة أشهر، إجازة الفصل الأول التي تمتد ثلاثة أسابيع، يعقبها الفصل الثاني الأقصر زمناً، ما يجعل الطالب بحاجة إلى فترات متقطعة لاستعادة الجاهزية الذهنية والنفسية للتعلم، لاسيما مع طول ساعات اليوم الدراسي. وتتكرر المشكلة مجدداً عند بداية الفصل الدراسي الثالث الذي يُعد الأكثر صعوبة من حيث استعادة الدافعية النفسية، لاسيما بعد إجازة طويلة.
فلربما أثّر طول ساعات الدراسة ونظام الفصول الثلاثة في الصحة النفسية للطلبة وأهاليهم، فقضى على التوازن بين المذاكرة والأكل والنشاط البدني واللعب. وجاء مقطع نشره رجل الأعمال، خلف أحمد الحبتور، ليطرح فيه بعض أهم معضلات التعليم اليومية: «أطفالنا أمانة في أعناقنا. أراهم كل صباح يركبون الحافلات من السادسة صباحاً، ويقضون يومهم في الطريق بين المدرسة والبيت، هذا كثير على الطلاب من كل الأعمار، كثير على قلب صغير يريد أن يتعلم، لا أن يتعذّب».
إن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل التعب والإجهاد النفسي والاجتماعي، وقياس رضا المتعاملين المعنيين، أمر واجب ويسير، بل واقع منجز في العديد من الباقات الخدمية اليوم، وبالتالي فإن استغلال هذه الممارسة في الجانب التربوي التعليمي أمر حيوي ومهم، ولن يستغرق سنوات من البحث، بل ربما لن يأخذ تطويره وتطبيقه أسابيع قليلة. وللحديث بقية.
*مستشار إداري وتحول رقمي وخبير تميز مؤسسي معتمد
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه