بدايته اتفاق ونهايته أخلاق

الدكتور خالد الحضرمي

العلاقات الإنسانية هي نسيج الحياة الاجتماعية، تبدأ باتفاق صريح أو ضمني، وعادةً ما تُبنى العلاقات على التفاهم والنوايا الطيبة عند بدايتها، وكما قيل «النوايا مطايا»، سواء كانت هذه العلاقة زواجاً أو شراكة عمل أو حتى صداقة عابرة، فجميع هذه العلاقات تنطلق من لحظة توافق على اتفاق معين وتُختبر قيمها عند نهايتها، حيث يظهر معدن الأخلاق، ما يعني وجود الانسجام والتوافق والمصلحة المشتركة، كأن يتفق الطرفان على الزواج لبناء أسرة مستقرة، أو على شراكة لتحقيق مشروع مشترك، أو حتى على صداقة قائمة على الاحترام والتفاهم، ويعد هذا الاتفاق حجر الأساس في بداية كل علاقة.

وحتى تستمر هذه العلاقة لابد من مواجهة الاختلافات واحترام وجهات النظر والتحديات التي قد تكشف قوة وهشاشة هذه العلاقة، فهي الامتحان الحقيقي لاستمرارها من عدمها، وهنا يظهر الفرق بين علاقة تنتهي باحترام متبادل واعتراف بالفضل وحسن الختام، وبين علاقة تنتهي بالفجور في الخصومة والتجريح وكسر الكرامة، فكم من علاقة انتهت وتركت في النفس راحة ورضى، لأن أصحابها اختاروا الأخلاق والجلوس على الطاولة لإنهاء الخلاف دون تعنت، وبين علاقة شُوهت ذكراها بسبب سوء التصرف من أحد طرفيها أو كليهما.

فالخلاف بين الزوجين ليس ضرورياً على الرجل أن يطبق القانون بحذافيره، وإنما يسعى لتطبيق مروءته على زوجته وأنها كانت يوماً ما أُماً لأبنائه، والعكس كذلك على الزوجة ألا تنسى الفضل والعشرة والستر الذي كان بينهما دون نشر للغسيل، فالدين المعاملة، وكما قال نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام: «ما من شيء أثقل في الميزان من حُسن الخُلق». والتوجيه الرباني عندما قال في قرآنه الكريم: «ادفع بالتي هي أحسن».

وليس عيباً أن ننسحب من علاقة لا تناسبنا أو مكان لا نحصل فيه على التقدير أو العطاء المناسب، وإنما العيب الاستمرار في علاقة وكأنها حرب يرغب أحد طرفيها في إذلال الطرف الآخر بحق أو بغير حق، لذلك دعونا نرتقِ بمبادئنا وأخلاقنا عند حدوث الخصام، والبعد عن الغضب غير المبرر والشعور بالانتقام، وعلينا إنهاء العلاقات أياً كان نوعها بصورة جميلة حتى تستمر الحياة بصورتها الجميلة، فكل علاقة تبدأ بالاتفاق لابد أن نسعى لإنهائها بالأخلاق.

Dr. Khaledali123. X.com@

*أكاديمي وباحث

 لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

تويتر