خطوة إماراتية نحو المستقبل تبدأ من الفصل الدراسي
في مشهد تعليمي جديد يُرسم على أرض الإمارات، أعلنت وزارة التربية والتعليم عن إدراج مادة الذكاء الاصطناعي كمقرر دراسي في جميع المراحل التعليمية الحكومية، بدءاً من العام الدراسي 2025–2026. إنها ليست مجرد مادة تضاف إلى جدول الحصص، بل هي إعلان واضح عن دخول الدولة مرحلة التعليم الاستشرافي، الذي يعبر بالطلبة من النمط التقليدي إلى فضاءات التفكير والابتكار.
هذه المبادرة تُعَدّ جزءاً من رؤية دولة الإمارات في صناعة جيل مستعد لقيادة الاقتصاد المعرفي، جيل لا يستهلك التكنولوجيا فقط، بل يبدعها، ويتفاعل معها، ويصوغ منها حلولاً للتحديات التي لم نعرفها بعد.
وبذلك تصبح بيئة المدرسة بيئة تمكين، فهي لم تعد مكاناً لتخزين المعلومات بقدر ما أصبحت ورشة مفتوحة للتفكير والتجريب، فإدراج الذكاء الاصطناعي يتطلب تحوّلاً في فلسفة التعليم، حيث على المدرسة أن تهيّئ البنية التحتية الرقمية، وتُعيد النظر في أساليب التدريس والتقييم، وتفتح المجال للأنشطة التطبيقية.
أما المعلم فهو قائد تعليمي وميسر لعملية الاكتشاف. ويقع على عاتقه التوجيه العملي للطلبة، وربط مادة الذكاء الاصطناعي بواقعهم الدراسي والمهني، وتحفيزهم على التفكير النقدي والتحليلي، وربط المعارف الجديدة بتخصصات مثل الرياضيات، العلوم، التكنولوجيا، وحتى الفنون.
والأكيد أن الأسرة هي الشريك الثالث في صناعة المستقبل، فلن تكون رحلة الطالب التعليمية فعّالة دون دعم مباشر من أسرته. واعتبار الأهل أن هذا التحول هو فرصة ثمينة لبناء مهارات المستقبل لدى أبنائهم وليس عبئاً إضافياً.
إن هذه الخطوة ليست مجرد تطوير منهجي، بل تحوّل وطني نحو تعزيز التفكير الابتكاري والريادي، فما تقوم به الإمارات اليوم هو غرس بذرة «المستقبل» في عقل الطفل، ليكون قادراً على قيادة مشاريع الغد، ليس في عالم العمل والأعمال فحسب، بل في المجتمع ككل. ولإنجاح هذه البذرة، نحن جميعاً – معلمين، وآباء، وأمهات ومجتمعاً - مطالبون بسقيها، ورعايتها، وتوفير المناخ الذي يضمن لها أن تُثمر.
ختاماً، إن دخول الذكاء الاصطناعي إلى الصفوف الدراسية ليس رفاهية، بل ضرورة وطنية لبناء اقتصاد معرفي وإنسان متمكن، مدعوم بأسرة ومجتمع ومدرسة متكاملة الأدوار.
*خبير شؤون تعليم ومجتمع
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه