حوكمة الذكاء الاصطناعي

الدكتور خالد الحضرمي

القارئ عنوان هذه المقالة قد يتبادر إلى ذهنه من الوهلة الأولى سؤال منطقي هو: هل الذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence) يحتاج إلى حوكمة، كما تحتاجها المؤسسات والمنظمات الأخرى لضمان سير عملها بشكل سليم؟

قبل أن ندخل في خضم الموضوع، علينا أن نعرّف مفهوم الذكاء الاصطناعي، وإن كان تعريفه لايزال محل جدل واسع، ولكن كإطار عام، فقد تم تعريفه بالسلوك والخصائص التي تتميز بها الأجهزة والبرامج الحاسوبية، والتي تجعلها تحاكي القدرات الذهنية البشرية المختلفة، وأنماط عملها.

ومن أهم هذه الخصائص القدرة على التعلم والاستنتاج، وردود الفعل على أوضاع لم تبرمج في الآلة مسبقاً. وقد عرّف أندريان كابلان ومايكل هانيلين الذكاء الاصطناعي بأنه «قدرة النظام على تفسير البيانات الخارجية بشكل صحيح، والتعلم من هذه البيانات، واستخدام تلك المعرفة لتحقيق أهداف ومهام محددة، من خلال التكيف المرن». وإزاء ثورة التكنولوجيا المتسارعة، وإن تغيرت مسمياتها ومهامها، إلا أن المؤسسات والمنظمات التكنولوجية بدأت بوضع قوانين وأنشطة في المجالات التي يلعب الذكاء الاصطناعي فيها أدواراً مختلفة.

ومن منظور آخر، قد يفيد البشرية ذلك، أن العديد من الشركات قد تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي للحصول على أفضل نهج في عملية التعلم، فمن الممكن توفير نظام تعليمي لكل طالب، بناء على قدراته ومهاراته، وقد تم استخدام الذكاء الاصطناعي أيضاً في إدارة السجلات الطبية للمرضى، ومعرفة التاريخ المرضي لهم، كونها الخطوة الأولى في الرعاية الطبية، وأيضاً أصبح بالإمكان التحكم في إضاءة المنزل من خلال الهاتف دون الحاجة إلى تحرّك الشخص من مكانه. وعليه، فإن الذكاء الاصطناعي مفهوم واسع، قد يحتاج إلى الكبح المناسب من خلال وضع التشريعات المناسبة، لتقليل المخاطر وإدارتها بصورة فاعلة ومتوازنة، تعود على البشرية بالنفع بعيداً عن الاستخدام السيئ لهذه التقنية.

وكالعادة، فإن دولة الإمارات سباقة في هذا المجال، من خلال وضع سياسة واضحة لهذا الموضوع، من خلال إقرار (استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي)، التي أطلقتها حكومتنا الرشيدة في أكتوبر 2017. ومن أهم محاور هذه الاستراتيجية هو إصدار قانون في شأن الاستخدام الآمن للذكاء الاصطناعي، وتطوير أول وثيقة عالمية لتحديد الضوابط والإجراءات التي تضمن الاستخدام الآمن والسليم للذكاء الاصطناعي، وبذلك نكون قد وضعنا إطار حوكمة متيناً لضبط الاستخدام الآمن للتكنولوجيا دون الاصطدام بالابتكار المستمر في هذا المجال الحيوي.

*أكاديمي وباحث

Dr. Khaledali123. X.com@

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

تويتر