الاقتصاد بين الرسوم الجمركية وضريبة الكربون (3)

فيصل محمد الشمري

البشرية هي أساس الاستدامة، والتوازن والاعتدال أهم ركائز مستقبل البشرية، والتركيز على البيئة مع انعدام ممارسات دمج وتمكين المجتمعات الفقيرة والأسر محدودة الدخل (تحت خط الفقر)، لن يحقق سوى زيادة معدلات الهجرة غير الشرعية، والجريمة، وانعدام الرفاه والنمو والاستقرار الاقتصادي.

إن الزيادات القادمة على الرسوم لن تمنع الأغنياء من طلب السلع الكمالية، والتمتع بالرفاه أو تلويث البيئة، ولن تحد الرسوم الموجّهة من الصراعات والحروب «المحلاة» بدعاوى حقوق الإنسان، بينما تكمن أسبابها في أجندات سياسية ممنهجة. فالرسوم ستضر بالمزارع الفقير، وستحفز المستهلك محدود الدخل على البحث عن بدائل أقل كلفة، أو عن منتج محلي بديل، كما أنها ستزيد الضرر على النمو الاقتصادي. ولربما تكون مبادرات الممرات التجارية ومشروعات البنى التحتية العملاقة مثل «طريق الحرير»، والقطارات، والطرق السريعة العابرة للقارات أحد البدائل، لكنها لن تغني عن الممرات والنقل البحري. فما الحل؟إن الانتقال إلى وقود أكثر كفاءة بيئياً، مثل الغاز الطبيعي المسال أو الهيدروجين، أفضل بيئياً من الاتجاه إلى الوقود الحيوي الذي يعدّ الأقل كلفة على الأرجح للامتثال لـ85% من الأساطيل البحرية خلال السنوات الخمس الأولى من تطبيق الرسوم.

ووفق الرئيس التنفيذي لمنظمة الهيدروجين الأخضر، يأتي قرار المنظمة البحرية الدولية كإشارة مهمة لشركات الوقود الأخضر للمضي قدماً في مشروعاتها، فالوقود منخفض الانبعاثات - مثل «الأمونيا الخضراء» التي تعد أحد أنواع الهيدروجين - سيلعب دوراً متزايد الأهمية في قطاع الشحن البحري في السنوات المقبلة، وفي قطاعات أخرى، الأمر الذي سيحفز التمويل المستدام الذي تقوده مصارف دولة الإمارات إقليمياً، بالتزام تخصيص تريليون درهم قبل عام 2030 من خمسة مصارف وطنية فقط. ولنا أن نتخيل الأثر المالي والقدرة الاستثمارية المتنامية إن شاركت مصارف أخرى بمثل هذا الالتزام المسؤول، معزَّزة بمحفزات وامتيازات اقتصادية محورية، وهنا يجب النظر في خفض سعر فائدة الأساس (إيبور)، وهو ما تم بنجاح في مشروعات استراتيجية وطنية، مثل برامج الإسكان الوطني وغيرها، مقرونة بحوافز أخرى مثل استقطاع الخسائر المالية من ضريبة أرباح الشركات المساهمة في هذه المشروعات وتمويلها، فتوزيع المخاطر وتطوير تحالفات مالية للتمويل سيسهمان في رفع قابلية الاستثمار والرغبة في المخاطرة، كما سيسرع سير المشروعات التحولية، ويختصر السنوات والعقود اللازمة لتحقيق الطموح المناخي.

وللحديث بقية.

*مستشار إداري وتحول رقمي وخبير تميز مؤسسي معتمد

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

 

تويتر