انتحار مؤسسة

كعادة أي مدير أو صاحب عمل، تراودني أفكار جنونية تدفعني إلى التغيير نحو الأفضل، أجرِّب فِرَق عمل مختلفة، وأتفاعل مع تجارب الآخرين لأتعلم من نجاحاتهم وإخفاقاتهم، وأتساءل: ما سر النجاح الحقيقي؟ وكيف يمكن أن تتحول مجموعة أفراد إلى كيان قوي يسير نحو هدف واحد؟

من النماذج التي شدّتني هي الشركات اليابانية، حيث تعمل أقسامها بتناغم من دون صراع، وكأنها أجزاء من آلة متقنة تعمل للوصول إلى المنتج النهائي.

في إحدى الشركات التي كانت رمزاً للنجاح السريع، انفجر صراع داخلي بين مديري المبيعات والجودة، ولم يتخيل أحد أن هذا النزاع سيقود إلى انهيار الشركة، مدير المبيعات يتحدث بشكل دائم عن الإنجازات وتضاعف الأرباح، بينما يراقب مدير الجودة بصمت مع قلق مشروع من عدم تحقيق المعايير المطلوبة، كل منهما يؤمن بأن طريقته هي السبيل لتحقيق النجاح.

هذا الصراع يختزل التحدي الشائع في الشركات بين الفريق البيروقراطي المتمسك بالمعايير والتخطيط المدروس، والفريق الطامح إلى التغيير السريع من دون تخطيط، ولو على حساب سمعة الشركة.

من جانب آخر، كان المدير العام يراقب المشهد بحيرة، فهو يريد مبيعات قوية تضمن الأرباح، لكنه يطمح إلى تطبيق الجودة للحفاظ على استمرارية الشركة، إنه البحث عن التوازن بين المكاسب السريعة والنجاح المستدام، لكنه في النهاية فضّل لغة الأرقام.

سرعان ما ظهرت النتيجة مع تزايد شكاوى العملاء بسبب تراجع الجودة، واهتزت سمعة الشركة، وأصبحت بحاجة إلى جهود مضاعفة لتعود كما كانت.

هنا يبرز التساؤل، ماذا لو جمعت الشركة منذ البداية بين قوة المبيعات وجودة المنتجات؟

إدارة الصراع لا تعني أن ينتصر طرف على الآخر، فالعبرة في توجيه الطاقات المختلفة ليصبح التنافس قوة تدفع نحو الابتكار، بدلاً من أن يتحول النجاح المؤقت إلى انهيار مؤكد.

* مؤسس سهيل للحلول الذكية

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

الأكثر مشاركة