الاقتصاد بين الرسوم الجمركية وضريبة الكربون (2)
إن خضوع السفن لرسوم على انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، لترتفع بعد حد معين، مقروناً بتداول أرصدة الكربون بينياً، يهدف إلى تشجيع قطاع النقل البحري على تكييف السفن لاستخدام الوقود منخفض ثاني أكسيد الكربون، والعمل بكفاءة أكبر.
ويُقدر الداعمون لهذه الممارسة أن نحو 10 مليارات دولار سنوياً سيتم جمعها، أي أقل من الـ60 مليار دولار سنوياً التي كان سيتم جمعها من ضريبة الكربون المباشرة، مع نشر الادعاء بأن العائدات ستستخدم داخل قطاع الشحن لإدخال تقنيات أنظف، بدلاً من تحويلها إلى البلدان الفقيرة والأشد تأثراً ومعاناة من آثار الطقس والتغيّر المناخي المتطرف.
ولعل الـ10 مليارات قد تسهم في تمويل جهود مكافحة أزمة المناخ، إن نجحنا في منعها من أن تصبح دخلاً جديداً للفساد والهدر المالي، فهل سيتم استحداث قواعد حوكمة مشروطة توجه صرف الرسوم وفرضها بعد إثبات وجود فعّال لقواعد الإنفاق وآليات؟
علماً بأن تخفيضات الانبعاثات المأمول تحقيقها متواضعة وأقل من الطموح، ففي السنوات الأولى سيتم تحقيق خفض يصل إلى 8% بحلول عام 2030، وهو أقل بكثير من نسبة التخفيض البالغة 20% المطلوبة بموجب استراتيجية المنظمة البحرية الدولية للمناخ والتي وضعتها في عام 2023. ويرى بعض الناشطين أن قرار المنظمة البحرية الدولية تاريخي، رغم أنه لا يرقى إلى مستوى الطموح الذي تتطلبه أزمة المناخ، وفشل في مساعدة البلدان الأكثر عرضة لتغير المناخ، رغم أن الدول الأعضاء التزمت به قبل عامين فقط، كما أن أصحاب السفن قد يميلون إلى اختيار الغاز الطبيعي المسال بديلاً أنظف لوقود السفن الثقيل المستخدم عادة، لكن قواعد النقل ستزداد صرامة في ثلاثينات القرن الـ21 لتضع عقوبات على استخدام الغاز الطبيعي المسال.
ولربما تشجع هذه القواعد على استخدام الوقود الحيوي، والذي قد يكون أكثر ضرراً بالبيئة، أو لا يحقق انبعاثات أقل، لكنه الخيار الأقل كُلفةً على الأرجح للامتثال لـ85% من أسطول الناقلات والسفن خلال السنوات الخمس الأولى، وهو ما سيقود إلى زيادة الطلب بعشرات الملايين من الأطنان. ولعل المزيد من المفاوضات بشأن تحسين قواعد تداول الكربون إلى حين اعتمادها رسمياً في أكتوبر سيكون خياراً عملياً للحد من الأضرار، لكن يجب أن يتضمن ذلك التطرق لانبعاثات العمليات العسكرية البحرية والسفن والبارجات العسكرية، فهي جزء من منظومة النقل والتلويث البحري.
وللحديث بقية..
* مستشار إداري وتحول رقمي وخبير تميز مؤسسي معتمد
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه