الاقتصاد بين الرسوم الجمركية وضريبة الكربون (1)
لن تعاني التجارة العالمية من الرسوم الجمركية والقيود الانتقائية والعقوبات الموجهة سياسياً وحسب، بل ستبدأ شركات الشحن بدفع ثمن «ثاني أكسيد الكربون» الذي تنتجه السفن. صحيح أن الاتفاق الذي وافقت عليه هيئة مراقبة النقل البحري العالمية سيفرض على شركات الشحن دفع ثمن الـ«CO2» الذي تنتجه سفنها للمرة الأولى بموجب قواعد جديدة، لكنه لم يَرقَ بعد إلى مستوى ضريبة الكربون التي كانت أوروبا وأميركا وبعض البلدان الفقيرة تأمل فرضها.
قد تمول هذه الرسوم جهود مكافحة أزمة المناخ، إن استخدمت بشكل صحيح، ولم تصبح مصدر دخل جديداً للفساد والهدر المالي، الأمر الذي يفرض استحداث قواعد حوكمة مشروطة توجه صرف الرسوم وفرضها بعد إثبات وجود فعال لقواعد الإنفاق وآلياته.
كما أن هذه الرسوم والضغط الدولي لفرضها، يثبتان أنها موجهة ضد الدول النفطية، حيث عارضت الإمارات والسعودية وروسيا ودول نفطية أخرى هذه القواعد، لكن غالبية الدول المجتمعة في المنظمة البحرية الدولية في لندن وافقت على صفقة وسط تعني أن جميع السفن يجب أن تدفع ثمن غاز ثاني أكسيد الكربون الذي ينبعث منها اعتباراً من عام 2028. هل ينطبق ذلك على الملوثات الأخرى مثل العمليات العسكرية البحرية، أو الفضائية (التي جعلت مدار الكوكب من أكبر مكبات النفايات)، أو التجارب النووية؟
إن المعاملة والرد بالمثل حق قانوني وشرعي، فالبعض يضرب بسيف الرسوم الجمركية، وآخرون بضريبة الكربون، فماذا عن الانبعاثات التراكمية منذ الثورة الصناعية الثانية، والعمليات العسكرية المصاحبة للاستعمار؟ وماذا عن الانبعاثات التراكمية للحربين العالميتين؟ إن هذا الأمر يستحق النظر فيه بحثاً وتمحيصاً ودراسة أكاديمية علمية ومسطرة قياس تقديرية، علماً بأن أوروبا بدأت ذلك، فخلال قمة المناخ (COP29) تم عقد ورش عمل، تحدث فيها مختصون عن آثار العمليات العسكرية الروسية في الحرب الأوكرانية على البيئة، وحجم الانبعاثات المقدرة للصواريخ.
هل يجب علينا دراسة خياراتنا الاقتصادية؟ نعم، فتلك الرسوم الانتقائية ستعطل النمو، وتؤثر سلباً في الازدهار، فهي إن نظرنا بعدسة مجهرية، تهدف إلى تعطيل النمو الاقتصادي، وهدم المميزات التنافسية التي تستقطب رؤوس الأموال ورجال الأعمال، والشركات الناشئة لجعل مقارها لدينا، وإلغاء المميزات الضريبية بسلاح الغرامات والرسوم الجمركية والكربونية.
وللحديث بقية..
*مستشار إداري وتحول رقمي وخبير تميز مؤسسي معتمد
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه