بوريس جونسون مذهول في دبي
«رأيت الكثير من البريطانيين هنا في دبي، إنهم منتشرون في كل مكان!»، هكذا استهلّ رئيس وزراء بريطانيا السابق، بوريس جونسون، حديثه مع مجموعة من الإعلاميين أثناء القمة العالمية للحكومات 2025، مُبدياً إدراكه التام أن الضرائب العالية ومعدلات التضخّم الكبيرة في بريطانيا، سببان رئيسان في هجرة الكثيرين من أبناء وطنه إلى الخارج.
لم يكن ذلك نهاية الحكاية، إذ أبدى ذهوله، خلال جلسة حوارية في «القمة»، من التطوّر الذي «لا يُصدّق» في أعداد مدارج الطيران والمطارات الجديدة في الإمارات، وقارنها بنسق الإنجاز البطيء في بريطانيا، سادس أكبر اقتصاد على وجه الأرض (وفقاً لبيانات صندوق النقد الدولي).
قد يكون من الصعب استيعاب التنمية بهذه الصورة الشاملة والمتسارعة في دولة يبلغ عمرها 53 عاماً فقط (هي فترة عُمر واحد للإنسان)، بالنسبة لـ«الدول العظمى» التي تتجاوز أعمارها مئات السنوات، إذ إن هذه التنمية جلبت العالم بأسره، من شرقه وغربه، وشماله وجنوبه، إلى الإمارات، سواء للعمل أو الدراسة أو العلاج أو السياحة، وكذلك وقفت إلى جانب الشعوب الأكثر احتياجاً للمساعدات، وقدّمت الدعم في الأزمات باختلاف حدّتها وتاريخها.
صحيفة «التايمز» البريطانية أشارت في تقرير لها، أخيراً، إلى أن عدد البريطانيين المقيمين في دبي يبلغ 180 ألفاً، على الأقل، ومن المتوقع أن يصل إلى نحو 250 ألفاً في السنوات القليلة المقبلة، وهو ما يُقارب العدد الحالي لسكّان مدينة ساوثامبتون التي تقع جنوب غرب لندن، مثنية على البيئة الجاذبة التي توفرها الإمارات، بعدم وجود ضريبة على الدخل، ورواتب مجزية، وأمن واستقرار، وتوافر أرقى أنواع الخدمات.
هذا النموذج التنموي الناجح للإمارات ليس مصدراً للغرور أو التباهي، بل هو فخر ودافع لتحقيق المزيد من الإنجازات التي تُذهل العالم، وتعود بالفائدة على مواطنيها وزوارها والمقيمين فيها، وفي الوقت نفسه هو فرصة للتفكّر في الأولويات التي تقع على عاتق الدول وحكوماتها، فجزء كبير من العالم لايزال منغمساً بشدّة في السياسة السلبية والزائدة على الحد المطلوب، لدرجة سيطرة نتائجها على جميع مفاصل الدول، ما أدى إلى ترهلها وتفشي الفساد والبيروقراطية المفرطة، وتعطّل عجلة التطوّر فيها، وتالياً إجهاض فرص التنمية.
من الرائع أن تسمع هذا الإطراء من رئيس وزراء سابق لدولة كان يُطلق عليها في الماضي «الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس»، في إشارة إلى نفوذها الهائل وقوّتها في القرن الـ19، لكن يبقى واقع الحال في الإمارات وطموحاتها أجمل بكثير.
Shukralla@
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه