مندوب المبيعات

كنت أتصوّر أنه يبالغ حين قصّ حكايته التي بدأت قبل أكثر من 40 عاماً، حين جاء من بلده الآسيوي، لا يحمل إلا طموحه. الرجل الذي أصبح اسمه معروفاً داخل الإمارات وخارجها بسلسة شهيرة من منافذ البيع الكبيرة «هايبر ماركت»، قال إنه بدأ «مندوب مبيعات متجولاً»، يأخذ بضاعته من المحال الكبيرة ويتولى توزيعها على البقالات الصغيرة، ولم يكن يحلم يوماً ما بهذا النجاح، وأن الجهد وحده ليس كافياً، بل يجب أن يكون في أرض خصبة وبيئة عمل داعمة.

أحد الحضور المقربين من الرجل، همس قائلاً: «تتجاوز مبيعاته الشهرية مليارين أو ثلاثة مليارات درهم على الأقل»، قلت أليس بالرقم مبالغة، قال بحسم: «لا»، واحسبي عدد الفروع داخل الإمارات وخارجها.

بعد مرور قرابة 15 عاماً على هذا اللقاء، التقيت الرجل نفسه في اجتماع لوفد تجاري زائر للإمارات، وكان حاضراً ضمن رجال الأعمال أصحاب المشاريع الناجحة في الدولة، التي انطلقت منها إلى دول المنطقة والعالم. وقال تحديداً ضمن مطالبه، من رئيس الوفد الزائر: «لدينا فروع في بلدكم، لكن نريد تسهيلات كتلك الموجودة هنا في الإمارات». وتابع: «نريد تشريعات تحمي الاستثمار، وتسهيل الإجراءات، وسرعة إنجاز المعاملات».

اختصر الرجل معادلة الإمارات الصعبة التي أصبحت بها مركزاً تجارياً إقليمياً في ثلاثة أساسيات «القوانين، وسهولة الإجراءات، وسرعتها»، والتي يتم تطبيقها بسلاسة كبيرة وفق نظام يعمل على مدار الساعة، دون توقف.

حركة التجارة في الإمارات، الأعلى في المنطقة، بلا منافس، ورغم مشكلات سلاسل التوريد العالمية، وما تشهده مناطق عدة حول العالم من عدم استقرار، أثر في الجميع، إلا أن آخر إحصاءات تم نشرها، الأسبوع الماضي، تشير إلى قفزة غير مسبوقة في تجارة الدولة الخارجية، من استيراد وتصدير وإعادة تصدير، مسجلة ثلاثة تريليونات درهم، للمرة الأولى، في تاريخها، بنهاية العام الماضي. وفي الوقت الذي نمت فيه التجارة الخارجية العالمية بنسبة 2% فقط في 2024، حققت نظيرتها في الإمارات نمواً بنسبة 14.6% خلال الفترة نفسها، كل ذلك بعيداً عن تجارة النفط.

أهم ما يميز الإمارات عن غيرها أنها تتيح الفرص للجميع على قدم المساواة بلا تمييز أو حمائية، فالقوانين تطبق على الجميع، والتسهيلات متاحة للجميع.

تجارة الإمارات المفتوحة على العالم، ولخدمته، تثبت بُعد نظر المؤسسين، الذين بدأوا في إنشاء الموانئ والمطارات الضخمة، وضخ مليارات الدراهم في البنية التجارية وسط الصحراء، واليوم العالم يجني ثمار هذه الرؤية وذاك الجهد.

@amalalmenshawi

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

الأكثر مشاركة