مراحل تشكيل شخصية الطفل واضطراب العناد

تمثل مرحلة الطفولة أهم مراحل تشكيل شخصية الطفل، حيث يبدأ فيها تشكيل وتكوين الشخصية، فإما يكون طفلاً سوياً أو مضطرباً، ولذلك فإن معظم الاضطرابات سواء كانت نفسية أو سلوكية تظهر لدى المراهقين والبالغين نتيجة ما تعرضوا له في طفولتهم. ويعد اضطراب العناد الشارد أو اضطراب التحدي المعارض (ODD) أحد اضطرابات السلوك التي عادةً ما تظهر في مرحلة الطفولة بين عمر ست وثماني سنوات، وقد يمتد حتى فترة البلوغ إذا لم يتم علاجه مبكراً.

فالطفل الذي يتصف بسلوكيات العناد المبالغ فيها نجده يرفض كل ما يطلب منه أو يؤمر به حتى وإن كان هذا الرفض ضد مصلحته ورغباته، وهذا أسلوب سلبي عدواني، أي أن هذه الحالة نوع من العدوانية، ولكن يعبر عنها بطريقة سلبية وكأنه يعبر عن عدوانه بالمعاندة كأسلوب سلبي، ومن صفات الطفل المعارض صعوبة إقناعه بأي شيء والاستمرار في الجدال الذي ليس له فائدة، وسهولة الغضب، وفي معظم الأحيان تحدي القواعد، وإزعاج الآخرين بشكل متعمَّد، وإلقاء اللوم على الآخرين بسبب أخطاء ارتكبوها بأنفسهم، بل إنه يشعر بالسعادة أكثر إذا شاهد علامات التذمر على وجوه من حوله، فيفتخر بصفته عنيداً ولا يسمع نصيحة أي أحد ممن حوله.

فالعناد ظاهرة طبيعية قبل سن الخامسة، لكنها بعد ذلك تعتبر سلبية، فالطفل قبل العامين لا يملك الاستقلالية الكافية، فهو يعتمد على والديه بشكل كبير، لذلك لا تظهر عليه السلوكيات العنادية بشكل واضح، فيما عدا بعض الممانعة، ولكن ذلك لا يعد عناداً، وربما يكون هذا الاضطراب أكثر شيوعاً عند أطفال الأسر التي تدور بين البالغين فيها نقاشات حادّة.

ويتم تشخيص اضطراب العناد الشارد استناداً إلى الأعراض والسلوك عند الطفل، وينبغي أن تكون هذه الأعراض والسلوك موجودة لستة أشهر على الأقل وأن تكون خطيرة بما يكفي للتأثير في قُدرة الطفل على الأداء الاجتماعي أو الأكاديمي.

وحقيقةً لا توجد طريقة مضمونة لمنع اضطراب العناد الشارد، ولكن أرى أن أدوار الوالدين وتصرفاتهم قد يكون لها دور مهم في الإيجابية والعلاج المبكر في تحسين السلوك ومنع الوضع من التدهور، بل إنه يمكن الاعتماد على منهج متسق نحو الانضباط والتعزيز المناسب للسلوك المرغوب فيه لتحسين أعراض العناد لدى الطفل، لذا فإن العلاج السلوكي والعلاج الأسري يمثلان خطوات أساسية في علاج هذا الاضطراب، بل قد يشمل أيضاً العلاج الدوائي لمعالجة الأعراض المصاحبة مثل القلق أو اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه التي قد تصاحب اضطراب العناد.

*جامعة الإمارات العربية المتحدة

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

الأكثر مشاركة