التربية بالمواقف
نعيش في زمن الانفتاح والمتغيرات. وفي ظل التقدم التكنولوجي وظهور العديد من وسائل التواصل الاجتماعي، نجد أن أطفالنا يعيشون تحت تأثير هذه المتغيرات.
لذا تقع على عاتق الآباء جهود في تربية أبنائهم في ظل هبوب المحاولات المستمرة لاقتلاع الثوابت، وتبديل القيم، وإحلال ثقافة مستوردة لا صلة لنا بها.
لذا نجد هنا أهمية الدور التربوي للوالدين في إكساب أبنائهما مناعة أخلاقية تحميهم من آفات الانفتاح العشوائي.
ويظل السؤال قائماً: هل تتوافر للأبناء القدرة الكافية للحفاظ على توازنهم وسط تلوث الأفكار وهشاشة البنية الثقافية المستوردة المراد ترسيخها في المحيط الاجتماعي؟
أرى أنها معادلة صعبة وكبيرة، فكيف يعيد الأبناء ترتيب أوراقهم من جديد؟ وكيف يحققون الصورة المثالية الرائعة التي تستحوذ على إعجاب الناس، وتنال اهتمامهم؟ وهل تعدُّ التربيةُ القائمة على القمع والإرهاب والتخويف وقتل المشاعر والإحساسات وصياغة الشخصية الجافة الناقمة على المجتمع، الأسلوبَ الأمثل لتربية هذا الجيل؟ كل هذه أسئلة تظهر وسط التحديات التي تحيط بأبنائنا.
لذا تعد التربية بالمواقف أو الأحداث، كما يطلق عليها، نوعاً من التربية يمكن أن تمارسه الأسر في أي وقت ومن دون كلفة، من خلال استثمار أي موقف يحدث لهم في أي مكان، عن طريق فتح باب الحوار مع الأبناء حول ذلك الموقف، بتحليله، وطرح أسئلة تتناسب مع عمر الأبناء للتوصل إلى إيجابياته وسلبياته، وكيفية الاستفادة منه في الحياة العملية.
ولذلك فإن اتباع هذا الأسلوب في التربية يعزز لدى الأبناء مهارات التفكير الناقد كتحليل الأدلة ومهارة تقبل وجهات النظر والآراء المختلفة التي تعتبر من المهارات المهمة جداً في القرن الـ21.
التربية بالمواقف ليست مجرد توجيه نظري أو تلقين مباشر، بل هي تربية قائمة على التفاعل مع المواقف التي تحدث في الواقع، ما يجعلها أكثر تأثيراً وفاعلية في بناء شخصية الأفراد.
كل هذا يُحتم علينا الانتباه للمواقف من حولنا مع أولادنا، ومحاولة استثمارها بالتوجيه التربوي ضمن الزمان والمكان المناسبين والاحترام المتبادل. ولا تحتقرن شيئاً منهم، فربما كان يسيراً في نظرك لكنه كبير في نظر طفلك، وربما كان بذرة لمشروع كبير أو صلاح حال أو تصحيح مفهوم خاطئ، بل يجب علينا نشر تلك الثقافة في مجالسنا وبين أبنائنا، فما أحوجنا إلى ذلك وقاية وعلاجاً، بل إن كل موقف تستثمره يدفعك ويزيدك حرصاً على استثمار مواقف أخرى، وذلك لما ترى من النتائج والمخرجات الإيجابية.
جامعة الإمارات العربية المتحدة
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه