أسهل تخصص
صدقني هو ليس التخصص الذي تسارع إلى ذهنك فور قراءة العنوان. وتصنيف التخصصات الجامعية وفقاً لسهولتها أو صعوبتها هو توجه غير عادل، ويفتقر إلى الدقة، ناهيك عن الإحباط الذي قد نسببه لأصحاب التخصصات «السهلة».
شاهدت ذات مرة تقريراً تلفزيونياً عن جرّاحة أسترالية متطوعة لعلاج النساء في إحدى الدول النائية، ونظراً لقلة الكوادر الطبية المهتمة بتلك البقعة، قامت بتدريب إحدى مريضاتها الشابات ممن لم يحظين بحقهن في التعليم لتغدو جرّاحة ماهرة وساعدها الأيمن، بل ولتقوم بالعمليات بمفردها. أليست الجِراحة من أصعب التخصصات كما هو متعارف عليه؟ إذاً ما تفسير ما حصل في مثالي هذا؟
هناك عوامل عدة تجعل من التخصص سهلاً أو صعباً. منها، مستوى العلم الذي تقدمه الجامعة. فالمؤسسة التعليمية التي تقبل الطلبة ذوي المعدلات المتواضعة لن تستطيع أن تقدم علوماً تنافس تلك التي تقدمها المؤسسة التي لا تقبل سوى النخبة من الطلاب، حتى وإن كان التخصص هو ذاته. فالأول في كلية الطب في جامعة مغمورة، قد لا يستطيع منافسة أضعف طالب في جامعة كهارفارد، التي تعد من أقوى الجامعات. فكلما زاد الطلاب ذكاء وجَلداً، قامت المؤسسة التعليمية بتحدي عقولهم وتغذيتها بأصعب النظريات، وأكثر المقالات العلمية تقدماً، وأثرى الكتب التعليمية، وأكثف خطط المشاريع والبحوث.
وما يعزز محاولتي لتبرئة العلوم «السهلة» مما نسب إليها، هو ما قاله أحد النوابغ عندما اعترف بأنه كان من أكثر الطلاب استنارة في جامعته المحلية المرموقة، ليصبح طالباً عادياً بعد التحاقه بجامعة ستانفورد الرائدة. وعلى سبيل ضرب مثال آخر، لدي صديقة متخرجة في كلية الهندسة بمعدل تراكمي شبه مثالي من جامعة تعد الأفضل في إحدى الدول، ثم التحقت بكلية «سهلة» في جامعة أصعب لدراسة الماجستير، وكانت تقوم بالعمل على بعض المشاريع الجامعية وهي تبكي من شدة صعوبتها وتعقيدها. أضف إلى ذلك أن بعض المؤسسات التعليمية لا تقدم للطالب المعلومات على طبق من ذهب، بل تجبره على السعي والبحث والإبحار لاكتشاف الأجوبة.
تفاوت مستوى الجامعات هو أمر محمود يساعد على استيعاب جميع الطلاب الطامحين لشهادات عليا. وكلما زادت إمكانات الطالب، زادت التوقعات. وفي النهاية، لكل منا كفاءة مختلفة. فمثلاً، البعض يرى المواد العلمية أسهل من الأدبية، والعكس صحيح. جميع التخصصات مطلوبة لخلق مجتمع متوازن، ونصيحتي للطالب هي: اتبع شغفك.
@Shaima_AhmedK