مرحلة الشباب وكيفية استثمارها
يعتبر الاستثمار في الشباب إنفاقاً اقتصادياً ذكياً على المدى الطويل من أجل ديمومة التنمية البشرية، فالشباب يحتل مراكز متقدمة جداً في بناء المجتمعات، وازدهار الأوطان وتقدّمها مصدره الشباب، وكلّما كانت فئة الشباب أكثر نضوجاً وتعليماً كانت المجتمعات أكثر نهوضاً، ولا نعني بالشباب فئة الذكور فقط، بل تضمّ فئة الإناث التي لا يقلّ دورها أهميةً عن دور الذكور.
ويوصف العمر الشبابي بالأرض خصبة الزرع، حلوة المنبت، يانعة الثمر، لهذا وجب معرفة كيفية استثمار هذه المرحلة، لأنها تمثل فترة التحول والانعطاف، فإما أن توجه إلى الخير عن طريق العلم والمعرفة والثقافة التي تهذب السلوك وتصقل المواهب أو تقودها إلى الشر فيكثر فسادها ويعم بلاؤها، فتعود بالسلبيات على فئة الشباب، ما يكون خسارة على الشاب نفسه ومجتمعه وأمته.
ومن هنا يجب أن تكيف هذه المرحلة وتستغل الاستغلال الأمثل، لأن الشباب هم ثروة الأمة الحقيقية، وهم مستقبلها، وكل شاب يجب عليه أن يعرف بأنه أحد أفراد هذا المجتمع، وعليه واجبات نحو مجتمعه، فيجب عليه أن يحافظ على مكتسبات وطنه، وذلك من خلال استثمار استعداداته العلمية والعملية التي برزت من خلال مراحل التعليم المتنوعة التي رفعتهم إلى هذا المقام الرفيع، وعليهم أن يحسنوا رد الجميل لكل من تعب سهر وقدم خدمته لهم، سواء علموا الذي قدم مثل الوالدين أو لم يعلموا مثل الساهرين عليهم، وعلى رعايتهم من مؤسسات حكومية وأهلية.
كما لابد من المشاركة الجادة بين أطراف المجتمع ومؤسساته؛ لوضع آلية لاستثمار وقت الشباب؛ لأنها هي مرحلة العطاء والتلقي؛ لأن هذه المرحلة مهمة في حمل الأمانة من خلال معرفة الإنسان ضعفه الذي هو فيه مع رعايته لنفسه ولغيره، لأن الإنسان هو أثمن ما في الوجود؛ لأنه خليفة الله في الأرض، وعملية الاستخلاف تلزم الإنسان أن ينهض بأعبائه الجسام في عمارة الأرض، وذلك بالعلم والمعرفة والأخلاق، وصدق الله القائل: ﴿إِنَّا عَرَضۡنَا ٱلۡأَمَانَةَ عَلَى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱلۡجِبَالِ فَأَبَيۡنَ أَن يَحۡمِلۡنَهَا وَأَشۡفَقۡنَ مِنۡهَا وَحَمَلَهَا ٱلۡإِنسَٰنُ إِنَّهُۥ كَانَ ظَلُومٗا جَهُولٗا﴾ [الأحزاب: 72]. وهذه الأمانة تتحملها الأجيال، وأهم الأجيال هو جيل شباب الوطن الذين عليهم عماده نهضته ومستقبله.
رئيس اتحاد الأكاديميين والعلماء العرب، أستاذ الثقافة والمجتمع في الجامعة الكندية