الخوارزميات الضائعة

إبراهيم استادي

تعتقد الخوارزميات في مواقع التواصل الاجتماعي أنها ذكية جداً، وربما يكون هذا حقيقياً إذا دققنا في المقترحات التي تظهر لنا على مدار الساعة حسب ما نشاهده نحن محتوى، فالمقترحات التي تناسب اهتماماتنا لا متناهية، ولكن قد تضيع البوصلة في هذه المنصات في بعض الأحيان.. كيف؟

عندما تكون شخصاً يحب الفيديوهات التحفيزية، ودروس الحياة، والاقتباسات الملهمة، فسيقوم «إنستغرام» بإظهار صفحات كثيرة لك ومقاطع من النوع نفسه، وفي الحقيقة هناك كمية كبيرة من المتحدثين المحفزين ومدربي الحياة المفيدين الذين يتحدثون بمنطق وعمق ووعي يلامس ويفيد الشخص الذي يبحث عن هذا النوع من المحتوى، وقد تمر عليك فيديوهات لشخصيات مشهورة وكبيرة ومؤثرة مثل رجال أعمال وأكاديميين وعلماء وفنانين ومشاهير يعطونك قصة أو عبرة من حياتهم وما مروا به ليكونوا اليوم في المكانة التي هم فيها، وليس هناك أفضل من القصص الملهمة عندما تكون حقيقية.

ولكن ما لا تميزه هذه المنصات هو: من الذي يتحدث في هذا الفيديو التحفيزي تحديداً؟ هل هو فعلاً شخص ذو اختصاص؟ هل هو متحدث تحفيزي حقيقي؟ هل هي قصة أو عبرة من شخص مشهور موثوق به وصاحب تجربة ملهمة؟ وهنا تكمن المشكلة الكبيرة، لأن كمية المقاطع التي تزخر بها مواقع التواصل ضخمة جداً لمشاهير من وطننا العربي الكبير يتحدثون عن كل شيء ويقدمون النصح والمشورة للمتابعين في أمور الحياة، ويتحدثون بثقة كبيرة تجعلك تريد أن تبارك لهم على التخرج من مدرسة الحياة الصحية بامتياز مع مرتبة «الشرف».

في كل يوم تمر علينا مئات الفيديوهات لمشاهير شباب لا أعرف متى تكونت لديهم فلسفتهم الخاصة في الحياة لكي يشاركوها الجمهور، أما المضحك المبكي فهو عندما تشاهد في بعض الأحيان مقاطع لممثلين ومغنين يقدمون لك النصح والاستشارات في العلاقات الإنسانية والعاطفية والزواج والطلاق وتربية الأبناء والصداقة والثقة والكفاح، وباستطاعتهم التحدث في أي شيء ماعدا «الفن». وفي الحقيقة الملوم الأول في هذا الموضوع هو المحاور الذي يحاول صنع «دراما» من أي حوار يقوم به لكي يقوم بمواكبة الموجة أو «الترند».

لا ضرر من مشاركة قصص حياتنا الملهمة من أجل إفادة الجمهور أو حتى مشاركة أفكارنا وآرائنا وفلسفتنا في الحياة تجاه أمور معينة، ولكن يكفي أن يظل الموضوع في هذا الإطار، ولا ينسى المشاهير مهنتهم وتخصصهم الأصلي بدلاً من تقديم استشارات اجتماعية وأسرية وإنسانية هناك من يدرسها ويتخصص فيها لسنوات قبل أن يخرج ويشارك علمه مع الجمهور.

ibrahimustadi@

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر