العاصفة

فيصل محمد الشمري

وثّق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في كتابه «قصتي» ما حدث في 8 أبريل عام 1961، حيث قال: «تعلمت ألا أستهين بالطبيعة أبداً، وأن نكون مستعدين دائماً لأي طارئ. ورغم قسوة العاصفة، إلا أنها أظهرت أنبل ما في أهل دبي من تعاون وتعاضد ووقفة واحدة وقت الشدة».

إن العاصفة التي وصفت بأنها مثل يوم القيامة قبل أكثر من 63 عاماً، مدمرة المنازل، ومسببة غرق السفينة «دارا»، أثرت على الأعمال، ورغم هدوء الرياح، فإن تداعيات العاصفة السيئة لم تتوقف، فحصيلة الضحايا كبيرة، لكنها أسهمت بتذكير الجميع بأهمية التعاون والعمل المشترك عند مواجهة التحديات في أوقات الشدة، ‏حيث إن الأزمات تبرز قدرات القائد، كما أن نهج قيادتنا بالقدوة الحسنة واتباع نهج النموذج في ترسيخ أسلوب القيادة «leading by example» وثقه التاريخ، ليس ‏بالعاصفة فقط، بل مشاركة الشيوخ في أعمال الإنقاذ في البحر الهائج قبل عموم الناس.

أثبتت العاصفة الأخيرة قدرات أبناء الإمارات من مواطنين ومقيمين على الوقوف صفاً واحداً لما فيه خير البلاد والعباد خلف قيادتنا الرشيدة، وكما نقول: «في المال ولا في العيال»، فمعظم الأضرار مادي. كما لم يكن غريباً أن تبدأ الجهات الحكومية المعنية والمطورون العقاريون ورجال الأعمال في العمل على مساعدة المتضررين.

إن توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، اللاحقة لتبعات منخفض «الهدير»، وتأكيد سموه أن الأولوية سلامة المواطن والمقيم، وتكليف الجهات المعنية بتقديم الدعم اللازم لجميع الأسر المتضررة، يعكس حرص القيادة الرشيدة على تقليل الآثار، ودرء المخاطر المستقبلية.

كما أن سقوط ما يزيد على ستة مليارات متر مكعب من مياه الأمطار على مدار يومين، يعكس حجم العاصفة التي وصلت إلى معدلات سقوط أمطار غير مسبوقة، حيث وصلت كميات المياه الأمطار في يوم واحد بدبي مثلاً لما يعادل ما يسقط على مدن عالمية أخرى في شهر، وهو أمر يعكس معنى مقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حين حمد الله على نعمته وفضله بسلامة الجميع، مؤكداً أن الأزمات تظهر معادن الدول والمجتمعات.

إن النظر والمقارنة لمحاولة استعادة الوضع الطبيعي، سيكون محرجاً ومجحفاً، إذ تبقى دول أشهراً عدة تحاول استعادة الوضع الطبيعي، مع قبول وأحياناً طلب مساعدات خارجية عدة، بينما لم تأخذ دبي والإمارات إلا أياماً وساعات معدودة، بأيدي أبناء الإمارات من مواطنين ومقيمين. حفظ الله الإمارات.. وطناً وشعباً وقيادة.

مستشار إداري وتحول رقمي وخبير تميز مؤسسي معتمد

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر