الخيط الرفيع

إبراهيم استادي

لن أدلي بشيء جديد بقولي إن هناك خلطاً في المفاهيم بين ما يسمى الإعلام الجديد والرقمي والاجتماعي، فهذا نقاش بلغ عمره الآن ما يفوق 13 عاماً، وكشفت الإجابة عن نفسها مع السنوات بحكم الممارسة وسن القوانين والتقنين ووضوح الرؤية الإعلامية والتجارية، والهدف من كل وسيلة.

كمختصين نقابل سنوياً أعداداً من الخريجين والطلبة متحمسين لخوض العالم الإعلامي الحقيقي - وهو بالأمر الجيد - ولكن ينقصهم بعض الوعي – وأنا لا أعمم - في ما يتعلق بهذا الخيط الرفيع الذي يفصل بين الإعلام الاجتماعي والإعلام الرسمي، سواء بشكله التقليدي أو الرقمي، وهذا يجعل الكثير منهم ينسون أنهم لا يمثلون أنفسهم بقدر ما يمثلون الجهة التي يعملون بها، وهذا يجب أن ينعكس على إنتاجهم وآلية عملهم بشكل عام تلقائياً.

شخصياً مرت عليّ تجارب كثيرة أُجبرت على الإشراف عليها بشكل يومي لمحاولة تصحيح هذا المفهوم للمتدرب الذي بين يدي، وهو بالمناسبة ليس بالأمر السهل، فجيل «Z» ولد والبيانات تسبح حوله في سحابة تمطر عليه وقتما شاء بما أراد من معلومات مهما كانت دقيقة، وهذا يجعله يأتيك وهو محمل بشعور التلميذ الذي غلب أستاذه، وأن تقنعه بمعلومة هو إنجاز بحد ذاته!

قد يفسر ما كتبت بأنه نتيجة الفجوة بيني وبين هذا الجيل، ولكنها إشكالية تستطيع أن تلمسها بكثرة في البرامج المباشرة التي تحتاج دائماً إلى حضور ذهني ومخزون معرفي وتفكير منطقي، وهو أكبر اختبار لأي إعلامي حتى وإن كان جديداً، فأنت تستطيع أن تطور مهاراتك التطبيقية بالممارسة والتدريب، ولكن كيف سيكون هناك سبيل للتطور كإعلامي إن كنت لا تقرأ، وإن كنت غير مطلع عالمياً على زملائك، والأخطر هو أن تقوم بالانطلاق إلى الجمهور من أرضية مهزوزة من المفاهيم أساسا؟! والساحة عربياً يملؤها هذا الصنف الأخير.

على الكثير من المؤسسات الأكاديمية في العالم العربي أن تجدد وتنفض الغبار عن مناهج تعليم الاتصال الجماهيري، فتحديثها أمر لابد منه تحديداً في المؤسسات التعليمية التابعة للحكومات، لأن بها أكبر عدد من الطلبة وهم أقرب للتوظيف في الجهات الحكومية التي هي أحوج ما تكون إلى عقول نيرة ومهارات متجددة تدخل إليها دائماً، وتعرف أن توصل رسالتها بشكل عصري وسلس وواضح للجمهور. من جانب آخر، واجب على المؤسسات الإعلامية أن تتريث وتستفيد من الفترة التي كان بها الإعلامي يمر باختبارات عدة قبل أن ينطلق على الهواء ويتحفنا بما لديه من مخزون!

ibrahimustadi@

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر