دبي.. وعقارات العالم

لاتزال سوق العقارات في دبي تغرد خارج سرب الركود، الذي ضرب مختلف الأسواق الرئيسة حول العالم، لتبقى وحدها نقطة مضيئة، مع تسجيل مبيعات قياسية بانتظام ملحوظ فترة تلو الأخرى، في حين أن القطاع العقاري عالمياً تائه بين دوائر التباطؤ والانكماش.

ولا شك أن أكبر عامل في التباطؤ الحاصل في أسواق العقارات العالمية، هو الارتفاع الحاد في معدلات الرهن العقاري التي لم تظهر أعباؤها بالكامل على القطاع الأكثر حساسية وارتباطاً بتقلبات الفائدة، لاسيما أن التداعيات تظهر بوضوح في كل أنحاء العالم، من نيوزيلندا إلى كندا.

ففي الولايات المتحدة، تأتي بيانات السوق العقارية الأميركية سلبية من حين إلى آخر، سواء أسعار المنازل أو مبيعات المنازل القائمة، أو مؤشر سوق القروض العقارية، في إشارة إلى سوء أوضاع القطاع العقاري في أكبر اقتصاد في العالم، ما ينذر بأزمة في السوق شبَّهها البعض بأزمة 2008.

وفي ثاني أكبر اقتصاد في العالم، يُظهر تباطؤ العقارات في الصين علامات قليلة على الانحسار، حتى مع تكثيف السلطات الجهود لإحياء القطاع، الذي يشكل مع قطاع البناء ربع إجمالي الناتج المحلي الصيني، بينما يراقب الجميع تأخر إتمام المشروعات وسط انخفاض المبيعات، واضطراب مدفوعات الرهن العقاري.

أما في أوروبا، فلا تختلف الحال كثيراً، وإن كانت الأزمة تبدو أكثر عمقاً، وسط انهيار قيم العقارات المكتبية والإدارية من لندن إلى برلين، فيما تواجه الشركات العقارية ضغوطاً من جميع الاتجاهات من زيادة الفائدة، وهبوط تقييمات الأصول، إلى عدم جاذبية القطاع لمديري الصناديق.

في مقابل ذلك، تجاهلت دبي الآثار المعاكسة لرفع سعر الفائدة على التمويل العقاري، رغم مواكبة مصرف الإمارات المركزي لتحركات مجلس الفيدرالي الأميركي، في إطار سياسة ربط الدرهم بالدولار.

ويمكن القول إن القطاع العقاري في دبي لم يتأثر بزيادة أسعار الفائدة، كونه يرتكز على قاعدة متعاملين واسعة وحقيقية من ذوي الملاءة المالية القوية، لاسيما من فئة الأثرياء، مع توافر السيولة اللازمة لطرح المزيد من المشروعات الجديدة.

تُظهر أحدث البيانات الرسمية، زيادة كفة قيمة المبيعات على الرهونات منذ بداية العام الجاري، إذ سجلت دبي أكثر من 53 مليار درهم رهونات عقارية، تعادل ثلث المبيعات التي تتجاوز 159 ملياراً.

ووسط تقلبات الاقتصاد العالمي، تبرز دبي ملاذاً آمناً في ظل التحديات الجيوسياسية والاقتصادية السائدة دولياً، ويمكن أن يعزى النشاط القوي في قطاع الوحدات السكنية جزئياً إلى أن الأسعار لاتزال مغرية مقارنة بالمدن الكبرى الأخرى.

كما تظهر الصفقات العقارية الأخيرة في دبي مؤشرات إيجابية على استمرار الزخم الذي بدأ قبل عامين، وتقدم دليلاً قوياً على أن الإمارة على موعد جديد مع تحقيق معدلات نمو مطردة، وكسر المبيعات التاريخية السابقة مع نهاية 2023.

رئيس مجلس إدارة شركة

«دبليو كابيتال للوساطة العقارية»

@WalidAlzarooni

walid.alzarooni@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

الأكثر مشاركة