الحوار الوطني حول الطموح المناخي (1)

فيصل محمد الشمري

إن الجهود الوطنية لتحقيق الحياد المناخي في الدولة عديدة ومتنوعة، وأتت مبادرة «الحوار الوطني حول الطموح المناخي»، من وزارة التغير المناخي والبيئة، لرفع الطموح، وتنسيق الجهود على مستوى كل القطاعات، ولتعزيز المشاركة نحو تحقيق أهداف مبادرة الإمارات الاستراتيجية للسعي نحو تحقيق الحياد المناخي بحلول 2050.

ويتم عقد اجتماعات شهرية لمناقشة احتياجات ومتطلبات وأولويات كل قطاع على حدة، والتوجهات المستقبلية لتعزيز مشاركته في جهود السعي لتحقيق الحياد المناخي، ومع رعاية وحضور وزيرة التغير المناخي والبيئة، مريم المهيري، وفريق عملها، تتعزز فرص مشاركة صنّاع القرار وأصحاب المصلحة مع الجهات الحكومية المعنية في الدولة، بتطبيق عملي للتصميم التشاركي، وبخطط تحاكي المسرعات في تحقيق نتائج سريعة تعزز الحراك البيئي في الدولة، وبممارسة بدأت مايو 2022.

إن دولة الإمارات نموذج حضاري للوفاء بالالتزامات، في كل المجالات عموماً، وتجاه الاتفاقات الدولية للعمل المناخي (وعلى رأسها اتفاق باريس للمناخ) خصوصاً.

ومن اللمسات التطويرية المتميزة جهود تعزيز مشاركة أصحاب المصلحة في كل القطاعات من الجهات الحكومية والخاصة، للوصول إلى المستهدفات الوطنية لتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة، وتحديد احتياجات ومتطلبات وأولويات كل قطاع، لرفع طموحه المناخي.

ومن المأمول اختيار قائد للطموح المناخي على مستوى كل قطاع، من رواد القطاعات، ليقود جهود هذا القطاع نحو أهداف مناخية طموحة.

ولعل إدراج الاقتصاد الدائري الأخضر المستدام، وطاقة المستقبل، والصناعات الخضراء والمستدامة مع بقية القطاعات، خطوة للأمام، تبين حجم جهود كل القطاعات، وتدرجها في مسار تكاملي مباشر، يعززه تحديد توقعات الاستدامة والعمل المناخي على مستوى كل قطاع، مع تحديد التقنيات والحلول الابتكارية لتسريع العمل وتحقيق النتائج المرجوة.

كما أن وضع باقات من الحوافز، تكمل مسيرة القيمة المحلية المضافة، ومؤشرات التوطين للقطاعات والمجالات ذات الأولوية لتحقيق الحياد المناخي، عبر توفير خيارات دعم وتمويل خضراء، وخصوصاً لقطاع التصنيع (كصناعات الإسمنت، والنفايات، والنقل، بالإضافة إلى قطاع الطاقة)، ومبادرات تقلل هدر الطعام وفاقد الإنتاج الزراعي، عبر تحسين وسائل النقل والتخزين (كالتبريد والتجميد أو التجفيف)، والصناعات الغذائية التحويلية، لتسريع النتائج، وتحقيق المستهدفات.

ولعل كلمة وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الرئيس المعيَّن لمؤتمر الأطراف COP28، الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، في الحلقة النقاشية لمؤسسة «روكفلر» لبحث التمويل المناخي والانتقال المنطقي والعملي والتدريجي في قطاع الطاقة، ضمن فعاليات اجتماعات الربيع لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، يمكن البناء عليها لممارسات تستحق الدراسة والتطوير والتطبيق محلياً. فضريبة أرباح الشركات قادمة خلال أشهر قليلة، وهناك توجه عالمي لتطوير أداء مؤسسات التمويل، وبناء شراكات راسخة مع المعنيين في القطاع الخاص، لتوفير تريليونات الدولارات اللازمة من أجل تمكين العمل المناخي، ولن يتم أو يتحقق ذلك بمجرد اجتماع أو تنسيق، بل يجب بناء منظومة مؤسسية من الحوافز.

فزيادة التمويل المناخي، وإتاحته بشروط ميسرة وبتكلفة مناسبة، وتسهيل الوصول إليه، أمر ليس بالمستحيل، ولكنه ليس باليسير أيضاً.

فهل سنرى مضاعفة التمويل المحلي للتقنيات النظيفة والتكيّف، ودعم الانتقال المنطقي والعملي والتدريجي والعادل في قطاع الطاقة، خاصةً في الصناعات المحلية والممارسات الزراعية؟

وهل سنرى قياساً لحجم استثمارات التقنيات النظيفة التي تصلُ إلى القطاع الخاص وشبه الحكومي وحتى الحكومي؟ إن الإجماع العالمي على أن التمويل المناخي ليس متوافراً بشكل ميسر، ولا بتكلفة مناسبة، ولا يمكن الوصول إليه بسهولة، لا يعد استثناء للوضع الوطني، فهل سنشهد ممارسات أكبر من المصرف المركزي والحكومات المحلية لمعالجة ذلك؟

فالحاجة الدولية الملحّة لزيادة مبالغ التمويل، حيث تم استثمار 1.4 تريليون دولار العام الماضي بالتكنولوجيا النظيفة، وينبغي مضاعفة المبلغ ثلاث مرات، وقد لا تنطبق محلياً الأرقام

نفسها، لكن التحدي لايزال قائماً، وإزالة العقبات البيروقراطية ركيزة للعمل المناخي، معززة بتطوير أدوات جديدة لتوجيه التمويل الخاص إلى الدول النامية بمزيد من الفاعلية والكفاءة.

إن أهمية الحوار الوطني بنظرنا توازي أهمية جولة الاستماع العالمية، فالتعرف إلى الرؤى والآراء والأفكار وتوظيفها لصياغة مسار عمل يحتوي الجميع، ويلبي كل احتياجاتهم مطلب استراتيجي... يبدأ من هنا.

الإمارات نموذج حضاري للوفاء بالالتزامات، في كل المجالات عموماً، وتجاه الاتفاقات الدولية للعمل المناخي خصوصاً.

مستشار إداري وتحول رقمي وخبير تميز مؤسسي معتمد

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.

تويتر