أمانة حملناها

«تحقيق سعادة ورفاهية الإنسان هي أمانة حملناها»، كلمات ذات وقع بديع تعكس الرؤية الثاقبة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، فمستقبل الأجيال القادمة هو ذمة في الأعناق وأمانة تحملها الصدور، وكل عمل وجهد مبذول في صياغة وتصميم هذا المستقبل هو حصانة للمجتمعات البشرية وضمانة لاستمراريتها جيلاً بعد جيل؛ وإذا كانت رؤى سموّه منارات تضيء الدروب وترسم الأمل لكل شعوب الأرض، فإن القمة العالمية للحكومات، بمستقبلها وحالها وماضيها، هي التجسيد الحقيقي لتلك البصيرة النافذة، والترجمة الفعلية لكل ما تحمله من قيم ومعانٍ سامية.

إن القمة العالمية للحكومات التي نشهد فعالياتها اليوم هي بلاشك ميدان للتميّز، لأنها تضع سعادة الناس في أولى أولوياتها، وتذلل كل العقبات في سبيل صناعة الفارق ورسم العناوين؛ وهي أيضاً خطوة جبارة نحو المستقبل، وذلك بما تحمله في ثناياها من مبادرات ذكية ورؤى ابتكارية، وفوق ذلك كله هي ملتقى يجتمع فيه القادة والمسؤولون وصنّاع القرار مع أهل العلم والخبرة والمعارف، حيث تُطرح المشكلات وتُناقش الأزمات، وغيرها من المحن والشدائد التي تواجه الدول والمجتمعات، ثم تُدرس ويتم تحليلها واحدة تلو الأخرى وفقاً لأفضل الممارسات، إلى أن توضع الحلول أخيراً وتطوى جميع التحديات.

من المؤكد أن عالم اليوم أحوج ما يكون لمثل تلك المبادرات والمنصات، وهو الذي على أعتاب قادمات لا تهدأ ولا تنطفئ، فمن تغيرات المناخ إلى تهديدات الأمن الغذائي، مروراً بقضايا الصحة العالمية ومشكلات التعليم ومنعكساته على خطط التنمية وأسواق العمل، ولا تغيب عن الذهن أيضاً شؤون الفقر والحروب والصراعات، وغيرها من الأمور التي تؤرق الشعوب قبل الحكومات.

ومع ذلك كله، لا خوف ولا خشية ولا ارتياع، لأن دولة الإمارات ستبقى جامعة المشارق والمغارب، وستفتح ذراعيها مجدداً لأكبر تجمّع حكومي عالمي، يلتئم فيه القادة والسياسيون ورجالات العلم والاقتصاد في قلب مدينة دبي، كلهم تحت شعار «استشراف حكومات المستقبل»، هذا الشعار الذي طغى بتأثيره على ملامح القمة ومحاورها التي جاءت على قدر الآمال والتطلعات، بل تجاوزتها إلى أقصى المبالغ والغايات، فهي تتناول تسريع التنمية والحوكمة لكي ترتقي بالخدمات الحكومية وتعزز من الابتكار؛ وهي تعنى بمستقبل المجتمعات وأنظمة رعايتها الصحية؛ وكذلك تشدّد على أهمية تبنّي السياسات المعززة للاقتصاد العالمي، التي تخفف من تأثير الأزمات، والتي تمكّن الحكومات أيضاً من تحقيق التنمية والازدهار؛ وهي في الوقت نفسه تسلط الضوء على أهمية مراعاة الاستدامة في التوسع الحضري من خلال اعتماد البُنى التحتية الذكية، وأيضاً بالانتقال نحو إنتاج واستهلاك الطاقة المستدامة؛ ولاشك أنها تعطي أولوياتها للتعليم والعمل لما لهما من دور أساسي في بناء الأجيال المقبلة وتطويرها من الناحية المهارية؛ وبما أنها قمة ترتكز على الابتكار، فهي في سعي دؤوب ومستمر نحو استكشاف آفاق ومجالات جديدة تسخّر العلم والتقنية في سبيل قهر المشكلات، ولعل القصد هنا تحديداً هو الذكاء الاصطناعي وما يحمله من رقمنة وتطبيقات.

والمسألة لا تتوقف عند هذا الحد، فالقمة أعمق بكثير وأهدافها أسمى وأجل، فجوهرها مرجع للبشرية لاستشراف المستقبل، وأدواتها مكتبات بحثية وتقارير ومجامع للأفكار، أما صورتها فهي منصة استباقية تؤسس لقرار اليوم وحلول الغد، فالمُراد حقيقة هنا هو صناعة الجيل القادم من الحكومات، وتمكينه بكل أدوات التوفيق والنجاح، وتأييده بمدّ من علوم التقانة والابتكار، وحينها فقط ستتحقق سعادة الأجيال مهما طالت بها الأيام وامتدت الأزمان.

مؤسس «سهيل للحلول الذكية»

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

الأكثر مشاركة