كلمة رئيسة التحرير

القمة العالمية للحكومات في بيت المستقبل

منى بوسمرة

عندما يجتمع العالم في دبي في قمة عالمية للحكومات، فإنه يجدد اعترافه بجدارة الإمارات باستضافة الأحداث الكبرى التي ترسم السياسات وتضع الخطط والبرامج للمستقبل، وتبحث في التحديات الجدية والخطيرة التي تواجه العالم. وهو اعتراف لم يأتِ فقط من قدرة دبي على تنظيم الفعاليات الكبرى بطريقة مذهلة وفائقة الدقة كما لمسها العالم إبان أشهر «إكسبو دبي 2020» وغيرها، بل يأتي أيضاً من مصداقية النموذج الذي تطرحه دبي لمستقبل الحكومات، وهي التي لم تتوقف عند حدود الشعارات، بل حولتها إلى برامج قابلة للتنفيذ.

قبل 10 سنوات، كان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، يتحدث بلغة استشرافية بدت لكثيرين في هذا العالم وكأنها حلم يصعب تنفيذه، لكنه في دبي أصبح حقيقة واقعة يلمسها المواطن والمقيم والزائر والسائح.

قبل 10 سنوات وقف سموه ليؤكد أن «الحكومة ليست سلطة على الناس، ولكنها سلطة لخدمة الناس، لذلك فإن مقياس نجاح الحكومات هو رضا المتعاملين معها». بل إن سموه زاد حينها قائلاً: إن «حكومة المستقبل حكومة لا تنام، تعمل ‬24 ساعة في اليوم، ‬365 يوماً في السنة، مضيافة كالفنادق، سريعة في معاملاتها، قوية في إجراءاتها».

فمن منا لا يلمس بنفسه صدق هذه النبوءة في دبي، وقد بات في المتناول إجراء المعاملات الحكومية عبر تطبيقات ذكية في الليل والنهار، وعلى مدار الساعة وطيلة أيام السنة؟ ومن منا لا يلاحظ أن الحكومة في الإمارات باتت، فعلاً لا مجرد قول، مضيافة كالفنادق؟

أمام هذا النموذج الذي أرسته دبي، لا غرابة أن يأتي العالم إلى هنا لاستشراف المستقبل مجدداً في حدث سنوي بات صناع القرار في العالم ينتظرونه بشغف، ولا غرابة أن يشارك في القمة المنتظرة رؤساء دول وحكومات ووزراء ومسؤولون ورؤساء منظمات دولية ورؤساء شركات عالمية ورجال أعمال بارزون من القطاع الخاص وخبراء عالميون ومستشرفو المستقبل.

رؤساء دول بارزون، أمثال: رئيس جمهورية مصر العربية عبدالفتاح السيسي، ورئيس جمهورية تركيا رجب طيب أردوغان، ورئيس السنغال ورئيس الاتحاد الإفريقي ماكي سال، ورئيس جمهورية باراغواي ماريو عبدو بينيتيز، ورئيس جمهورية أذربيجان إلهام علييف، سيحضرون الحدث الكبير، وهم يعلمون أنه يمثل فرصة مواتية لبحث التحديات التي تواجه العالم، وسبل ترسيخ التعاون لخير الشعوب وتبادل النظرة المستقبلية حول العمل الحكومي الذي تتفوق فيه الفرص على التحديات، وأن القمة العالمية للحكومات هي المنصة الأولى لأي دولة أو حكومة أو مسؤول، لمعرفة الفرص الأنسب وأفضل الطرق لضمان بيئة تشريعية تواكب وتستشرف المستقبل، وسيكون أمامهم نموذج حكومة دولة الإمارات وطريقة إدارتها لمختلف القطاعات، باعتبارها تجربة تُدرّس.

لا شك أن تحديات من نوعٍ آخر ستتصدى لها القمة، من خلال أكثر من 220 جلسة، يتحدث فيها 300 شخصية عالمية من الرؤساء والوزراء والخبراء والمفكرين وصناع المستقبل، ومن بينها أثر التكنولوجيا والتقنيات المختلفة في حياة البشر وفي مسارات العمل الحكومي، من تقنيات حديثة وذكاء اصطناعي وروبوتات، ففي السنوات الـ10 الماضية شهدت التقنيات التكنولوجية الحديثة قفزات مهولة للأمام، لكنها في الوقت نفسه فرضت تحديات تقنية وأخلاقية وإنسانية يتعين معها الموازنة بين استخدام تلك التطبيقات لمصلحة البشر على هذا الكوكب، ووضع التشريعات المناسبة لمواجهة الاستخدامات السلبية لتلك التطبيقات، وتسخيرها في نمو القطاعات الاقتصادية والتعليمية والصحية والبيئية وغيرها.

لقد استطاعت القمة العالمية للحكومات أن ترسخ نفسها منصةً عظيمة الأهمية، بفضل حسن التنظيم والإعداد والتخطيط من العشرات من كوادرنا الوطنية المؤهلة، التي اكتسبت خبرة لا تضاهى في العالم في التعامل مع المؤتمرات والمنتديات والمعارض الكبرى. وكما ألهم محمد بن راشد العالم قبل 10 سنوات حين قدم نبوءته لشكل وخدمات حكومات المستقبل وقد تحققت هنا في الإمارات، فإن العالم على موعد مع إلهام جديد لصناعة المستقبل في مقبل السنوات، وإن كان هذا المستقبل في الإمارات قد بدأ بالفعل، فهي دولة تؤمن بأن المستقبل لا يُنتَظَر، بل يُصنع الآن.

@MunaBusamra

Muna.busamra@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر