مواطنونا في القطاع الخاص

يكثر الحديث حول توظيف المواطنين في القطاع الخاص، وقد أثير الكثير من اللغط حول هذا الأمر قبل فترة، والتزمت الصمت حينها، لأن الغالبية العظمى لم ترَ الأمر إلا من زاوية واحدة، وباعتقادي أننا بحاجة إلى أن ننظر إلى مسألة وجود مواطنين عاملين في القطاع الخاص بشكل فعال أكثر من ذلك، وعلينا أن نعرف ما لنا وما علينا في هذه المسألة المهمة لدولتنا، ومردودها على اقتصادنا المجتمعي وكفاءة مواردنا البشرية.

في البداية دعونا نتفق على بعض الأمور، أولاً إن وجود المواطنين في القطاع الخاص سيكسب قوانا البشرية خبرات كثيرة نحن كدولة بحاجة إليها، ثانياً إن المنافسة في قطاع الشركات الخاصة تخلق نوعاً من التحدي، سينمي قدرات كوادرنا، ويلبي طموحاتنا المستقبلية، ثالثاً، وهذه نقطة مهمة، إنه جاهل من يقول إن القطاع الخاص لا يدفع رواتب عالية، ولا يوفر الامتيازات المطلوبة لمواطنينا، بل على العكس، هناك وظائف ومناصب وأعمال يدفع من أجلها رواتب كبيرة، خصوصاً أن دولتنا تجمع كبريات الشركات العالمية، وتتخذ من أرضها مقاراً إقليمياً للعديد من الشركات العملاقة، رابعاً إن القطاع الخاص عمود الاقتصاد الوطني، ويجب على مواطنينا أن يكونوا جزءاً من هذا البنيان بشكلٍ أو بآخر، وخامساً فأنا أجد أن القطاع الخاص يصقل مهارات الشباب ليكونوا رواد أعمال مستقبلاً، فهو يفتح أعينهم على المكاسب وطرق التجارة، وكيفية تقديم الخدمات، وإيجاد ما يريده الناس، وهذه خبرة كبيرة يجب أن يتقنها أبناؤنا، عاجلاً غير آجل، فنحن على أبواب مرحلة يجب أن نعتمد فيها على كفاءاتنا وخبراتنا كقوة بشرية وطنية.

ولكن واقعياً، وجود شواغر وظيفية ليست مخصصة للمواطنين لا يعني ولا يمكن أن يعني أن هذه الشواغر غير مخصصة لهم، بل معناه أن مواطنينا سيدخلون دائرة المنافسة مع أصحاب خبرات ومهارات عالمية، وهنا تأتي الفائدة، فعندما نحث شبابنا على امتلاك هذه الخبرات والمهارات سنرفع من سقف قدراتنا، وبعد فترة من الآن لن نحتاج لبرامج ولا لمبادرات لتوظيف المواطنين في القطاع الخاص، بل سيكونون قد حجزوا مكاناً لهم، وسيرتقون ويكتسبون خبرات تجعلهم يتصاعدون في مهامهم الوظيفية ومناصبهم الإدارية، وهذا ما يجب أن نصل إليه في مقبل السنوات.

يتوافد كل يوم إلى دولتنا الآلاف من البشر ممن يبحثون عن فرص عمل، وحقيقةً أن معظمهم، بل أغلبهم، يجدون هذه الفرصة، وتجد الكثير منهم خلال سنوات بسيطة قد اكتسب خبرات داخل دولتنا، كان سيحتاج إلى عشرات السنين ليكتسبها في بلده، فدولتنا والحمد لله توفر بيئة عمل عالمية ومتطورة ومنفتحة ومرنة مع كل تحديث أو تطوير، وعلى شبابنا أن يزاحموا هذا الركب للوصول إلى هذه الخبرات، وألا يكتفوا بمبادرات الدعم الحكومي، لأننا نريد تأسيس خبرات مستدامة، تؤسس لأجيالنا ليكون لهم مكان في القطاع الخاص.

والقطاع الخاص قادر على توفير بيئة عمل وامتيازات كبيرة ينتفع منها عشرات الآلاف، وعلى قوانا العاملة أن تجتهد لتزاحم في هذه المنافسة، ولا تقولوا إننا غير قادرين، بل على العكس لدينا جامعات بمعايير عالمية، تخرج لسوق العمل كفاءات وطنية عالية، وشعبنا شعب منفتح، معتاد على البيئة العالمية، ولا ينقصنا إلا طرق الأبواب، وصناعة الفرصة لا انتظارها.

محامٍ وكاتب إعلامي

twitter.com/dryalsharif

www.ysalc.ae 

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

الأكثر مشاركة