عندما يتحقق المستحيل (3)

ذكرنا في المقالين السابقين عن إمكانية وقوع المستحيل أو ما نظنه مستحيلاً بذكر ثلاثة احتمالات: عندما تغيّر مفاهيمك تجاه موضوع معين أو عندما تغيّر تفكير شخص آخر دون أن يشعر، والثالث عندما يحدث ما تظنه مستحيلاً بفضل ومنة من الله سبحانه وتعالى.

هذه القصة حقيقية حدثت أمامي: عرفت صديقاً لا يؤدي من الدين غير الفروض. ولا يفكر حتى في إتيان شيء من السنة النبوية من الصلوات وغيرها. ولا يعرف من القرآن الكريم شيئاً إلا الفاتحة وآية الكرسي والمعوذات، ولا يفتح القرآن في رمضان.

لم نتدخل في أسلوب حياته، ولكننا عاتبناه فقط على عدم فتح القرآن الكريم في الشهر الفضيل. وقال لنا إنه يجد الأمر ثقيلاً حتى لو حاول. مرت الأيام وتزوج هذا الرجل، وبعد مرور ثلاثة أسابيع من الزواج شعر أنه لا يطيق زوجته ويريد الطلاق، فضلاً عن إصابته بنوبات هلع غير مفهومة، ويضع يده على قلبه للتأكد إن كان ينبض.

فهمنا نحن أصدقاءه أنه مصاب بالعين، فقلنا له اقرأ القرآن وستشفى بإذن الله. كررنا النصيحة وتجنّب مجلسنا. ساءت حالته كثيراً، وأصبح يهرب من زوجته ويتجنب مجالستها في المنزل وهما داخلان في الشهر الثاني من زواجهما.

طلبنا حضوره في مجلسنا ذات يوم، وأذّن أحد الشباب على مسامعنا، فقال المحسود بغضب لست من كفار قريش! فقال له المؤذن: سأطلب منك شيئاً صغيراً. ضع سماعة في أذنك واستمع إلى سورة البقرة. لا تفعل شيئاً آخر. إن لم تتحسن حالتك لا تجالسنا قط، ولك كل الحق في هجر مجلسنا هذا.

بعد أن ضغطنا عليه اقتنع الرجل، لأنه نفسه لا يفهم ما حلّ به، ويريد التخلص من تلك الحالة الغريبة التي ألمّت به. ذهب إلى بيته ووضع السماعة واستمع إلى سورة البقرة، ونام وهو يستمع إليها.

استيقظ ثاني يوم وقد تحسنت حالته 100%. اتصل بنا يتساءل كيف حدث ذلك. قلنا له إنها عين حاسد، وتعافى منها بفضل الله. تغيرت مفاهيم الرجل تجاه القرآن الكريم، وأخذ يقرأ سورة البقرة كل يوم، حتى لا تصيبه تلك الحالة الكريهة مرة أخرى.

بعد سبعة أشهر كنت جالساً معه في سيارته واستقبلت مكالمة وأخذت أتحدث مع المتصل وانشغلت معه 10 دقائق أو أكثر، ولاحظت أنه يقرأ آيات بصوت مسموع دون مصحف ورقي أو إلكتروني. بعد انتهاء المكالمة سألته هل كنت تقرأ آيات الرقية الشرعية، فقال ليس تحديداً لكني أقرأ سورة البقرة.

ابتسمت وقلت: عن ظهر قلب؟ تبارك الرحمن. قال أنا نفسي لم أقصد حفظها، لكن بعد شهرين من بداية دوامي عليها وجدتني حفظت أول 100 آية من كثرة التكرار، فتشجعت على حفظها كاملة وحفظتها فعلاً بعد ستة أشهر.

عبرة

قلت له هذا من فضل الله عليك، ألا تتذكر عندما كنتَ تستثقل فتح المصحف في رمضان؟ انظر كيف منّ الله عليك لمجرّد أنك بادرت، وجعلك تحقق ما ظنناه كلنا مستحيلاً.

• تغيّرت مفاهيم الرجل تجاه القرآن الكريم وأخذ يقرأ سورة البقرة كل يوم، حتى لا تصيبه تلك الحالة الكريهة مرة أخرى.

Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com

@abdulla_AlQemzi

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

الأكثر مشاركة