مساحة حرة

‏الوضع الطبيعي (1)

فيصل محمد الشمري

تعد إدارة الأزمات من العلوم المتقدمة التي تتطلب خبرات مركبة، ومهارات فذة، وقدرات احترافية، ممزوجة بعلوم متقدمة وقدرات وبيانات تحليلية، مع ركائز أساسية للنجاح منها وجود قيادة ذهبية Golden Commander، وإدارة عملياتية للحدث من قبل الجهات المختصة، وتتضمن مراحل ودورة حياة إدارة الأزمات رصداً مبكراً، وتقييم المخاطر ومطابقتها مع ما هو موجود في سجل المخاطر، والاستجابة وإدارة الأزمة، وهو ما حققت فيه الفرق الوطنية مستوى متميزاً عالمياً لم تحققه أي دولة عربية أخرى، ومن ثم استعادة الوضع الطبيعي، ومن ثم مراجعة فرص التحسين والتعليم وتحديث الخطط وبناء القدرات حسب تحليل الفجوات.

إن مرحلة التعافي واستعادة الوضع الطبيعي، مرحلة مهمة جداً وتكمل البرامج الوطنية التي أطلقتها القيادة، منها البرنامج الوطني لدعم استقرار سوق العمل في القطاع الخاص. وأطلقت وزارة الموارد البشرية والتوطين، بالتنسيق مع الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، البرنامج الوطني لضمان استمرارية الأعمال في القطاع الخاص، في ظل التدابير الوقائية والإجراءات الاحترازية المتخذة على مستوى الدولة، ضمن منظومة العمل الحكومي الاتحادي والمحلي لمواجهة الجائحة والحد من انتشارها.

وتم إصدار القرار الوزاري رقم 279 لسنة 2020 في شأن استقرار العمالة بمنشآت القطاع الخاص، خلال فترة تطبيق الإجراءات الاحترازية للحد من انتشار فيروس كورونا، لتنظيم العلاقة التعاقدية بين الموظفين وأصحاب العمل، ليضع بعض الإجراءات التي يتعين على الشركات المتأثرة بالإجراءات الاحترازية، وضعها بعين الاعتبار، في تنظيم علاقتها مع الموظف.

ويسري هذا القرار على العمالة الوافدة المقيمة في دولة الإمارات، والتي تعمل في منشآت القطاع الخاص، ولا يسري على المواطنين العاملين في القطاع الخاص.

ومن أبرز النقاط الواردة في القرار: التدرج في ما تقوم به المنشآت الخاصة من إجراءات، بالاتفاق مع الموظف وفق الخطوات التالية: تطبيق نظام العمل عن بعد، منحه إجازة مدفوعة الأجر، منحه إجازة بدون أجر، خفض أجره بشكل مؤقت خلال الفترة المشار إليها. وفي هذه الحالة تلتزم الشركة بإبرام ملحق إضافي مؤقت لعقد العمل بين الطرفين، وفق النموذج الملحق بالقرار الوزاري، على أن ينتهي بانتهاء مدته، أو فترة سريان هذا القرار، أيهما أقرب، أو خفض أجره بشكل دائم، على أن تلتزم المنشآت التي ترغب في خفض أجر العامل غير المواطن بشكل دائم، بالتقديم على خدمة تعديل بيانات عقد عمل للحصول على موافقة الوزارة، وفق الإجراءات المعمول بها.

إن بعض فرص التحسين المهمة للتمكين من استعادة الوضع الطبيعي، إلزام الجهات بعودة الرواتب والبدلات للموظفين في القطاع الخاص لما كانت عليه قبل الجائحة، وفق برنامج زمني واضح، وكذلك مساءلة الجهات التي خفضت الرواتب، بدون أن تتأثر إيراداتها أو عملياتها، عن مسببات استغلال هذا الظرف، ومنها بعض الشركات التي حققت أرباحاً غير مسبوقة، نتيجة ارتفاع أسعار النفط.

وتمتعت بعض مجالس الإدارات بفوائد التخفيضات وارتفاع العوائد، بينما عانى الموظفون خفض الرواتب ووقف صرف المكافآت والـ(Bonus)، فلكل قاعدة استثناءات. وكذلك التدقيق في حالات خفض رواتب المواطنين، وإلزام الشركات المعنية بتعويضهم، وبحث تطوير صندوق مخصص من الجهات المعنية أو الضريبية أو حتى الإنسانية، لتعويض ومساعدة الحالات الإنسانية الأكثر تأثراً، مثل العاملين في قطاعات السفر والسياحة والطيران، حيث لجأ بعضهم من المديونين لمغادرة الدولة، مع تعثر محاولاتهم للعمل أو لجدولة ديونهم مع البنوك. وقد نقول إن عدد هذه الحالات قليل، لكن من المهم وضع إطار مؤسسي لاستعادة الوضع الطبيعي، وقيادتنا متمثلة بصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، (سنّت سُنة حميدة)، ارتكزت عليها مؤسسات الوطن وشعبه: «لا تشلون هم»، فنحن وطن الإنسانية.

مستشار إداري وتحول رقمي وخبير تميز مؤسسي معتمد

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر