مساحة حرة

تجربة «لا سلسة» (1)

فيصل محمد الشمري

إن مساعي القيادة لتطوير العمل المؤسسي حثيثة، ويضرب بها المثل، وتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بعملية تقييم شامل لأكثر من 1300 خدمة رقمية تقدمها الوزارات والجهات الحكومية الاتحادية، ليتم الإعلان عن أفضل الجهات الحكومية في تقديم الخدمات الرقمية وأسوئها منذ أعوام، دفعت قيادات الجهات الحكومية لاستدامة التطوير بالتزامن مع استدامة التقييم والمساءلة. ووجه سموه بتغيير مديري أسوأ المراكز فوراً، وإحلالهم بمديرين يعرفون كيفية التعامل مع الجمهور.  كان حجز الدور لمعاملات الضمان الصحي (قبل تخفيض عدد مراكز الخدمة)، بناء على عدد المعاملات (الكفالات الخاصة والشركات)، إذ تم إلغاء الفروع دون إيجاد حلول عملية لمنع الازدحام، فمثلاً في مدينة العين وضواحيها أصبح مركز الخدمة الوحيد في منطقة الصناعية (بينما ألغيت مراكز الخدمة في الوجن ورماح والهير واليحر وسويحان والشويب، وتحولت لمركز خدمة يتيم في منطقة الصناعية)، وأصبح التباعد الاجتماعي غير مطبق بسبب الازدحام، ويبدأ التزاحم قبل ساعتين من بدء العمل. وبتقييم لمراحل الخدمة وواقعها بشفافية تامة، وبعد تجاوز الطابور الخارجي بمعاناة، نعود لطابور داخلي، حيث يجتهد فرد شركات الأمن الخاصة منفرداً بتنظيم المراجعين الذين يتجاوزون المئات يومياً. ولو قمنا بمقارنة معيارية بسيطة، لوجدنا غرامات تأخير الضمان لموظفي القطاع الخاص والشركات 300 درهم شهرياً (3600 درهم غرامة سنوية لكل فرد في الشركات)، بينما في بقية الإمارات لا توجد إلزامية على الضمان، ولا توجد غرامات، وهو الأصح. كما أن الغرامة لا تعني توفير الخدمة، فلو راجع عامل مريض، تم سداد غرامات تأخير إصدار تأمينه الطبي دون إصدار بطاقته الصحية، لا يتم صرف أي أدوية له عند المراجعة! بينما المنطق أسوة بتأمين وتجديد المركبات (مع الفارق في التشبيه)، يدفع لربط المعاملات ذات الصلة بسداد التأمين، فلا توجد غرامات على كل أنواع التأمين الأخرى، وفي تأمين المركبات تتوقف المعاملات تلقائياً لحين تأمين وفحص وتجديد المركبات المتأخر تجديدها.

بمراجعة سير العمليات الإدارية، عند إصدار تأشيرة عامل جديد، وطلب تعديل وضعه بعدم المغادرة، تبدأ الجهات المقدمة للضمان الطبي، وبشكل مخالف لكل الجهات الحكومية باحتساب المدة بـ15 يوماً فحسب، ثم تفرض غرامات مالية، بينما الجهات الحكومية المعنية تمنح مهلة شهر لاستكمال المعاملات، وكأن التأمين الطبي أصبح أشد أهمية من الجهات الحكومية وأكثر تشدداً في التطبيق! وما يثير الاستغراب أكثر، أن إجراءات العمالة المساعدة بإصدار المعاملة لعامل جديد، من مركز خدمة الشركة، والتجديد في مراكز الطباعة، وهو الأصح لضمان التدقيق على المعاملات عند أول إصدار، بينما للشركات عكس ذلك تماماً! فالممارسة المطبقة تمكن من إصدار الطلب الجديد من مراكز الطباعة، والتجديد يلزم المتعامل مراجعة مركز خدمة الشركة المعنية. إن اختيارية الضمان الطبي، وإلغاء إلزاميته، ومنع فرض غرامات مالية، سيقلل تكلفة الضمان الطبي، وصعوبة إنجاز المعاملات يدفعنا لاقتراح أن تتولى جهات التنمية الاقتصادية مع القطاع الطبي معالجة هذه المرحلة المهمة من عمليات وإجراءات الشركات والأفراد والمستثمرين، لتعزيز التنافسية، وسلاسة الإجراءات، ووقت وسعادة المتعاملين، ولعل أهم المقترحات التطويرية تتضمن حجزاً رقمياً للمواعيد، وإعادة فتح مراكز الخدمة المناطقية المغلقة، وزيادة عدد أفراد الأمن، وإعادة هندسة العمليات لتصبح OneStopShop مع بقية إجراءات الجهات الحكومية، وقياس رضا المتعاملين، والوقت المستغرق لإنجاز الخدمة، وإتمام رقمنة الخدمات، لتتم المعاملات بسلاسة تعزز سعادة المتعاملين ورضاهم، فنحن في وطن السعادة.

* مستشار إداري وتحول رقمي وخبير ومقيم تميز مؤسسي

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر