مساحة حرة

الشاحن

فيصل محمد الشمري

من المتوقع أن تنمو السوق العالمية لأجهزة شحن الهواتف الذكية من 18.1 مليار دولار أميركي في عام 2017 إلى 25 مليار دولار خلال العام الجاري، وبمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 6.6% خلال الفترة (2017-2022). بينما بلغ سوق أجهزة الشحن المحمولة 3.6 مليارات دولار في عام 2017، ويتوقع أن يصل لمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 9.1%.

لقد استحوذ قطاع الشحن اللاسلكي على أعلى حصة في السوق في عام 2018، ومن المتوقع أن ينمو قطاع الشحن اللاسلكي للرعاية الصحية بأعلى معدل نمو سنوي مركب، ووفقاً لبعض استطلاعات الرأي يستخدم 66% من المستهلكين الشحن اللاسلكي في المنزل.

وتشير التقديرات إلى أنه تم بيع نحو 200 مليون وحدة من بنوك الطاقة (Power Bank) بسعة 5000-7500 مللي أمبير في الساعة على مستوى العالم في عام 2016، وتم تقسيم سوق بنك الطاقة إلى شرائح بناء على نوع البطارية ونطاق السعر والسعة، ووحدة منفذ الـUSB، والمنطقة.

ولعل أهمية بنوك الطاقة تتمثل في أنها يمكن أن تكون محمولة في راحة اليد، قابلة للتخصيص (تأتي في مجموعة متنوعة من الألوان والأنماط التي يمكن الاختيار من بينها)، وبأسعار معقولة، قابلة لإعادة الاستخدام، سريعة الشحن، وتقلل من القلق من انطفاء الهواتف الذكية وانقطاع اتصالنا الرقمي، الأمر الذي أضحى قلقاً مزمناً للبعض، وهاجساً يمكن اعتباره عارضاً نفسياً!

حيث يشير مصطلح القلق من انخفاض شحن البطارية (Low battery anxiety) إلى الخوف من نفاد الهاتف المحمول، وهي ظاهرة يمكن أن تؤثر في ركاب الطائرة بمعدل أعلى بكثير. ما قلق شحن البطارية المنخفض؟ المعروف أيضاً باسم قلق البطارية، هو مصطلح صاغته LG بعد دراسة استقصائية أجرتها الشركة في عام 2016.

ويستخدم مصطلح NOMOPHOBIA أو NO MObile PHone PhoBIA لوصف حالة نفسية عندما يخشى الناس من الانفصال عن اتصال الهاتف المحمول.لأننا أصبحنا نعتمد على أجهزتنا كنمط للحياة، بل أضحينا نرى الحياة من خلال الأجهزة لا من خلال أعيننا وأجسادنا وأرواحنا ومشاعرنا، وصرنا نعبر عن مشاعرنا بأيقونات «إيموجي» أشبه ما تكون برسوم الجداريات الفرعونية القديمة، وكأن التاريخ يعيد نفسه بأيدينا لتصبح هذه الأيقونات لغتنا العالمية المشتركة.

وتنامت هذه المخاوف لتصل إلى تنامي القلق ليصبح خوفاً محدداً من نفاد البطارية أثناء قيادة السيارة الكهربائية، وهو ما سيتزايد مستقبلاً مع توجه الشركات لتغيير تصميم شاحن كل منها لذات غايات شركات الهواتف، في ظل انعدام الضوابط الملزمة بتوحيد التصميم للحد من هدر الموارد وتقليل النفايات الإلكترونية، ويناسب مصالح المستهلكين وشركات تزويد الطاقة والجهات التي تدعم توفير شواحن للمركبات الكهربائية في المرافق العمومية، خاصة مع ارتفاع أسعار الوقود الأحفوري والتوجه المتزايد للمركبات الكهربائية.

ستشرع أوروبا أخيراً لشاحن مشترك للهواتف المحمولة، حيث اعتمد الاتحاد الأوروبي فرض شاحن عالمي للهواتف الذكية، ملزماً بالتحول إلى كابل USB-C القياسي وتعد هذه الخطوة ضربة لعملاق التكنولوجيا الأميركي Apple.

إن هذا التوجه الأوروبي يعد نموذجاً لتعزيز رفاه المجتمع، وتقليل التشتت التقني والحد من هدر الموارد الطبيعية، وسيحد أيضاً من جشع الشركات وتوجيهها المتعاملين نحو احتكار استخدام تقنياتها عبر صعوبة وعدم ملاءمة حمل شواحن عدة بشكل متزامن.

هل سنرى توجهاً مماثلاً لدينا؟ هل يمكننا أن نطمح لاستحداث مواصفة إماراتية تكون الأولى إقليمياً للهواتف والأجهزة الذكية المحمولة وغير المحمولة، والمركبات الكهربائية وغيرها؟

نتطلع لمعايير قياسية إماراتية للشحن الكهربائي، تتضمن وتراعي البيئة والحد من النفايات الإلكترونية ومصلحة المستهلك، وتحد من تلاعب الشركات العملاقة بأسواقنا.

هل سنرى فعلاً حراك مؤسسياً لحماية المستهلك يمنع الخطوات التجارية الهادفة لتعزيز الاحتكار والتأثر في سلوك المستهلك أو تكلفته مبالغ إضافية لتوفير خدمات أساسية عبر فصل أجهزة الشاحن عن الهواتف أو حتى المركبات بحجة تقليل التكلفة، بينما جميعنا على قناعة أن المستهلك سيلجأ لشراء الشاحن إن عاجلاً أو آجلاً، فلا قيمة للسلعة إن تعطل شحن بطاريتها؟!

* مستشار إداري وتحول رقمي وخبير ومقيم تميز مؤسسي

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر