خارج الصندوق

أمن الإمارات.. قيادة عالمية (2)

فيصل محمد الشمري

«إن الجرائم البيئية تحدث على نطاق صناعي، حيث تجني جماعات الجريمة المنظمة العابرة للحدود، المليارات من الأرباح، بينما تقوّض سيادة القانون، وتهدد الأمن القومي».

الأمين العام لـ«الإنتربول»، يورغن شتوك.

تشير التقديرات إلى أن الجرائم البيئية تُدر أرباحاً غير مشروعة، تراوح بين 110 مليارات دولار و281 مليار دولار كل عام، في وقت وجهت فيه قيادات الأجهزة الأمنية دعوات عدة لبذل جهود أقوى لمكافحة الجريمة البيئية، من خلال زيادة التعاون، وتبادل المعلومات مع «الإنتربول».

إن نداء «الإنتربول» العلني، تذكير بأن التعاون الدولي في مجال إنفاذ القانون يتمثل بضبط ومحاكمة الهاربين من العدالة، للمساءلة ومحاسبتهم على جرائمهم، وجعلهم عبرة للآخرين، فالتأثير العالمي لهذه الجرائم يستوجب استجابة دولية.

لا تؤثر الجرائم البيئية في حياتنا اليومية فقط، من طعام نتناوله، إلى هواء نتنفسه، فالاستغلال الإجرامي للموارد الطبيعية في العالم سيؤثر في مستقبل الكوكب واستمرارية الحياة.

وتتنوع طبيعة الجرائم البيئية وأثرها المدمر، إذ لا تقيدها الحدود، وتتنوع من الصيد الجائر للأنواع المحمية، والاتجار في العاج، إلى قطع الأشجار غير القانوني، وإلقاء النفايات الخطرة، فهي تهديد عالمي.

وغالباً ما تحدث الجريمة البيئية جنباً إلى جنب مع جرائم أخرى، مثل تزوير جوازات السفر، والفساد، وغسيل الأموال، وحتى القتل، وعادة ما تستخدم الأساليب نفسها المستخدمة لتهريب الحياة البرية عبر الدول، لتهريب الأسلحة والمخدرات.

وتأتي مساهمة المؤسسات القانونية في حماية التنوع الفطري مكملة للجهود التشريعية والمبادرات البيئية العالمية، لضمان مستقبل بشري مستدام، فـ«اتفاق باريس» عام 2015 لخفض درجات الحرارة المرتفعة الناجمة عن الاحتباس الحراري، والتغير المناخي، وعمليات المراجعة وإعادة النظر في الأهداف المعلنة بعد خمس سنوات، تتطلب تطبيقاً أكثر مرونة، لتحقيق مفهوم وأهداف خفض الانبعاثات.

كما أدت عمليات «الإنتربول» العالمية والإقليمية لإنفاذ القانون التي تستهدف جرائم القطع غير المرخص «غير المشروع» للأشجار، وجرائم الحياة البرية، إلى ما يقرب من 20 ألف عملية مصادرة في عام 2019 وحده.

لقد ساعدت الجهود الأمنية الدولية في وقف إزالة الغابات المدارية، وتظهر نتائج التحالف الدولي لمكافحة إزالة الغابات غير المشروعة، أن هذه الجهود ستشكل دوراً رئيساً في إلزام الدول لتنفيذ تعهدات «COP26» بإنهاء إزالة الغابات بحلول عام 2030، إذ أسهم تحالف دولي بقيادة «الإنتربول» ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، بالتعاون مع السلطات الوطنية في بابوا غينيا الجديدة، في حدوث انخفاض جوهري في إزالة الغابات بشكل عام مقارنة بالفترة 2014-2018، وهو ما يمثل آلاف الهكتارات من الغابات المطيرة التي تم إنقاذها في عام 2020 في بابوا غينيا الجديدة.

ويعد تبادل المعلومات الاستخبارية الأمنية الفعال، ممكناً لتحديد طرق التهريب، والنقاط والبؤر الساخنة للجريمة معززة بتحليل جغرافي أمني، واستخدام فعال لتقنيات متقدمة منها الذكاء الاصطناعي في تحليل صور الأقمار الاصطناعية، والاستشعار عن بعد، وتطوير طرق العمل، والتنبؤ الاستباقي بتوجهات الجريمة، وتسهيل إجراءات التحقيق والتعاون متعدد المؤسسات والأجهزة على المستويين الوطني والإقليمي والدولي.

إن هذا المفهوم الأمني المتقدم مطبق إماراتياً، وبتميز، وأحد نماذجه: اللجنة الأمنية العليا للفعاليات في إمارة أبوظبي، التي يترأسها سمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، وعضوية كل من اللواء الركن عبيد الحيري الكتبي، واللواء دكتور أحمد ناصر الريسي.

وأسهمت في تطبيق مفاهيم أمنية لإدارة عمليات تأمين فعاليات دولية، منها الاجتماعات الدولية للجنة التحضيرية للوكالة الدولية للطاقة المتجددة «إيرينا» في أبوظبي، التي سبقت تأسيس واستضافة الوكالة، بما يثبت حرص القيادة الإماراتية على نشر الوعي البيئي، وتطبيق المعايير العالمية للتنمية المستدامة، وترسيخ دور الفرد والمجتمع في المشاركة بيئياً، بما يجسد ريادتها المعهودة في اضطلاعها بمسؤولياتها تجاه المجتمع في المحافظة على مصادر البيئة، واستغلالها بالشكل الأمثل، وضمان مستقبل آمن، حيث تشرفت فيها بالمشاركة كمتحدث رسمي، رئيساً للجنة الشؤون الإعلامية.

هل سنشهد توسعاً وتعميماً للنموذج الإماراتي للقيادة العملياتية المشتركة (Joint Operation Command JOC) في العمل البيئي؟

وهل ستتطور مستويات الشراكة مع «الإنتربول» الذي يترأسه حالياً اللواء الدكتور أحمد ناصر الريسي؟

وهل سيكون «COP28» الذي ستستضيفه أبوظبي منصة لإطلاق مبادرات بيئية دولية نوعية للعمل الأمني البيئي المشترك لتشمل تطوير خدمات: الإبلاغ والرصد والتتبع المعززة بالذكاء الاصطناعي، والممولة من الالتزامات الدولية المخصصة لمكافحة الاحتباس الحراري والتغير المناخي؟

كلي ثقة بأن أبناء الإمارات قادرون على أكثر من ذلك.

مستشار إداري وتحوّل رقمي، وخبير ومقيّم تميّز مؤسسي

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر