مساحة حرة

صناعة الترفيه (2)

فيصل محمد الشمري

تجاوزت قيمة تجارة ألعاب الفيديو المليارات من الدولارات، ففي عام 2020 بلغت قيمة سوق الألعاب العالمية 173.7 مليار دولار أميركي، ومن المتوقع أن تصل قيمتها إلى 314.4 مليار دولار بحلول عام 2026، مسجلة نمواً سنوياً مركباً نسبته 9.64% خلال الفترة 2021-2026، وقدرت الإيرادات من سوق ألعاب الكمبيوتر الشخصي في جميع أنحاء العالم بنحو 37 مليار دولار، وحققت سوق ألعاب الهواتف الذكية دخلاً يقدر بأكثر من 77 مليار دولار.

هل تستحق هذه السوق النظر في الاستثمار لتطوير ممكنات هذه الصناعة لدينا؟

بكل تأكيد، لقد تطورت ممكنات الحكومة الذكية لدينا، وتطورت المؤشرات لتتضمن استخدام تقنيات «التلعيب» (Gamification)، لجذب المتعاملين وضمان تجربة غير مسبوقة مصحوبة برحلة متكاملة لإنجاز الخدمات بيسر وسلاسة، عبر إضافة آليات «التلعيب» إلى بيئات غير تقليدية الاستخدام (مثل المواقع أو المجتمعات الرقمية، أو أنظمة إدارة التعلم أو شبكات العمل، أو الخدمات الحكومية) لزيادة المشاركة والتفاعل.

فالهدف هو التحفيز والتفاعل مع الحث على التعاون والمشاركة والتفاعل. وانتقلنا لتطبيقات الخدمات المشتركة والتنبئية الاستباقية، وهو ما يدل على أننا في الطريق الصحيح لريادة عالمية. فالتناوب بين المركزين السادس والثامن للخدمات الذكية، لا يرضي طموحات القيادة الإماراتية. والاستثمار البشري والتقني المهول، غير مسبوق إقليمياً وحتى عالمياً، وبالتالي، فإن ترسيخ ممكنات صناعة الألعاب التفاعلية والرقمية، وربما منصات ما وراء العالم الواقعي أو العالم الرقمي الموازي أو ما يسمى بالـMetaverse.

فالشق الأول «Meta» بمعنى ما وراء، والشق الثاني «Verse» من «Universe» أي ما وراء العالم، ليتفاعل البشر كشخصيات خيالية رقمية «Avatar»، لكن في فضاء رقمي افتراضي ثلاثي الأبعاد، مشابه ومواز للعالم الحقيقي.

ولرمزية المسمى وأهميته، بدأ المؤلفون في (DC Comics)، وهي إحدى أكبر الشركات للقصص المصورة والأفلام، باستخدام المصطلح للإشارة إلى نسخة مركزية من الواقع، تؤثر في الإصدارات الأخرى في الخطوط الزمنية البديلة.

ولجأت شركة لضخ استثمارات هائلة في هذا المجال، بل غيرت اسم الشركة الأم لتأخذ هذا المسمى، لعلها تحافظ على قيمة أصولها المالية، بالتوازي مع الأصول الرقمية المتنامية، هرباً من السمعة المتدهورة والشبهات المتزايدة على خرق الخصوصية للأفراد واستغلال غير قانوني وتحليل يتجاوز أخلاقيات وقوانين الاستخدام التجاري التقليدية، لدرجة وصلت لتوفير بيانات المستخدمين لتحليلها وتوجيهها للتأثير في قراراتهم الانتخابية.

لقد تطور هذا المصطلح لأغراض منها تطوير سمعة مختلف التقنيات والمشروعات المماثلة، لأن العديد من الألعاب الجماعية عبر الإنترنت، تشترك في الميزات، لكنها توفر الوصول فقط إلى الحالات غير الدائمة. كما يستخدم المصطلح عادةً لوصف الإصدارات المستقبلية المفترضة للإنترنت، المكون من محاكاة لعوالم افتراضية ثلاثية الأبعاد، لا مركزية، ومتصلة بشكل دائم، يمكن الولوج إليها والوصول لها عبر نظارات (الواقع الافتراضي أو الواقع المعزز)، والجوالات والحواسب المكتبية ومنصات الألعاب، وربما أزياء بمجسات تقنية تعطي المرتدي أحاسيس تفاعلية ومؤثرات تحاكي المحيط.

وهناك العديد من التطبيقات الفعلية المحتملة، فعند تحقيق تطور مثالي سيكون بمقدور المستخدم أن يخوض أي تجربة أو نشاط، وسيكون بمقدوره التعامل مع أي أمر يحتاجه من مكان واحد، بمحاكاة أفلام الخيال العلمي وبتطبيق عملي للـ«حياة الهجينة».

هل نتطلع لبيئة حاضنة؟ بكل تأكيد، ولعل مبادرات برنامج «غداً 21» ودوره المأمول في دفع عجلة تطور وازدهار قطاعات الأعمال والابتكار والتنمية المجتمعية، نواة استثمارية لمثل هذه المشروعات، يدفعه للنجاح، دعم ومتابعة قيادات شابة، ممثلة في سمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، عضو المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي رئيس مكتب أبوظبي التنفيذي، فالأهمية الاستراتيجية، والدور الحيوي الذي ستلعبه هذه المبادرات، لا يقتصر على كونها ركيزة اقتصادية لتحول معرفي ودور حضاري عالمي مستحق، بل ستسفر عن تشجيع المعرفة ودعم الأفكار المبتكرة، لبناء مستقبل مبني على التكنولوجيا، وتجعلنا في صدارة العالم، وأفضل الوجهات للعمل والعيش والاستثمار، مع نشر وتسويق لطبيعتنا المتسامحة وعادتنا الكريمة، وأخلاقنا الرفيعة. فهنا المستقبل وركائزه: أمن وأمان، تسامح ومجتمع متعدد الثقافات، حكومة مرنة، اقتصاد رقمي تفاعلي، حوكمة فعالة وسديدة، أنماط القوة ومنها الناعمة وتأثيراتها، فما نيل المطالب بالتمني.. ولكن تؤخذ الدنيا غلابا... أو بالـ«ميتافيرس».

• قيمة سوق الألعاب العالمية بلغت 173.7 مليار دولار في عام 2020.

مستشار إداري وتحول رقمي وخبير ومقيم تميز مؤسسي

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر