هل يشتري المال السعادة؟

هل يشتري المال السعادة؟ من ناحية نفسية بحتة فنعم المال يشتري السعادة لأنه يحفز منطقة المكافأة في المخ، ولو كافأت شخصاً بمبلغ مالي لقاء خدمة طلبتها منه دون أن يتوقع تلك المكافأة فسوف يشعر بسعادة بالغة.

لو كنت فقيراً لا تستطيع تأمين قوت يومك من طعام وشراب وملبس ومأوى، فالمقولة صحيحة 100% ولا يستطيع شخص أن يجادل فيها. أما إن كنت من أصحاب الملايين، فإن سعادتك ليست في المبلغ الإضافي الذي يدخل حسابك، لكن في كيفية إنفاقه.

الماديون ينفقون أموالهم بشكل لا يحقق لهم السعادة. والمادية هي قيمة أو معتقد يقوم على عشق الشخص لاقتناء الأشياء، فإنفاق المال لاقتناء أشياء بغض النظر عن قيمتها لا يزيد السعادة، فقد تكون مقتني سيارات أو تماثيل وتحف ولوحات فنية أو عملات نادرة وغيرها ولا تشعر بالسعادة مهما كبرت مجموعتك، لكنك ستشعر بالسعادة لو أنفقت مالك بشكل يجعلك تشعر أنك مستقل أو لبناء علاقات وثيقة أو لتعلم مهارات جديدة.

لفهم العلاقة بين المال والسعادة فعلينا فهم دوافع تكوين الثروة، أنت لا تريد المال لتكنزه لكن لتنفقه على شيء؟

المال ضروري لتحقيق السعادة واسأل أي شخص لا يملكه وستجده مهموماً لا ينام الليل بسبب ضيق حاله، لكن في الوقت نفسه ليس كل غني شخصاً سعيداً، فقد يكون المرء غنياً جداً، لكنه معاق جسدياً أو متزوج ولا يستطيع الإنجاب أو مصاب باكتئاب مزمن لا يعلم له سبباً.

زيادة مدخول الشخص تمنحه الكثير من الميزات لكنها قد تتطلب زيادة ساعات العمل وإبعاده عن أسرته، وهذه من منغصات السعادة. اقتناء الأشياء حتماً يحقق السعادة لكنها سعادة قصيرة الأجل.

فأنت ترغب في شراء ذلك الهاتف الذكي الجديد، رغم أن هاتفك يعمل وبالكاد أكمل عامه الأول، وعندما تشتري الجديد رغبة في اقتنائه فقط فإن عمر سعادتك يكون أسبوعين قبل أن تألفه ويصبح عادياً في نظرك.

هذا ينطبق على كل الماديات بلا استثناء، لكن التجارب وحدها هي ما يحقق السعادة، فلو أنفقت مالك على تعلم لغة جديدة أو تعلم مهارة كالتصوير الفوتوغرافي أو العزف على آلة موسيقية، فإنك هنا تطور نفسك وبالتالي تفتح لنفسك آفاقاً جديدة، وهنا تكون قد اشتريت سعادة بمالك.

الإنفاق على المحتاجين صفة نبيلة وهي من أبرز أسباب السعادة لجميع البشر. يعتقد معظم الناس أن إنفاقهم على أنفسهم يجعلهم سعداء أكثر من إنفاقهم على المحتاجين لكن الأبحاث أثبتت عكس ذلك. السبب: أننا عندما ننفق على غيرنا أو نتبرع لأجله فإن ذلك يجعلنا نشعر بالسعادة والفخر بأنفسنا.

موقف

قبل أن تثبت الأبحاث أن الإنفاق على المحتاجين يحقق السعادة، فقد أثبت لنا القرآن الكريم ذلك من خلال آيات الإنفاق المذكورة في آخر سورة البقرة، والتي تحدد كيفية الإنفاق وتهذب النفس البشرية، فقبل أن تخرج محفظتك لتدفع مقابل شيء لا تحتاجه، فكر في إنفاق المبلغ على شخص محروم بحاجة إليه.

هل يشتري المال السعادة؟ نعم إلى حد كبير.

• الماديون ينفقون أموالهم بشكل لا يحقق لهم السعادة.

Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

الأكثر مشاركة