مازلنا بخير

تهاونا، فسمحنا لرسائلهم المسمومة أن تقتحم بيوتنا وعقول أطفالنا وتجترئ على ثقافتنا وموروثنا وأعرافنا.

سمحنا لمجونهم أن يخلع ثوب الحياء عن مجتمعاتنا، فاعتدنا تقبل الانحراف بحجة تقبل الآخر، وتغاضينا عن هدم ثوابت كانت لنا سياجاً وحماية.

صدقنا أن الصورة قاتمة ولابد من تسليط الضوء عليها لتقويمها، فأخرجوا القبح من مخبئه بعد أن عاش دهوراً يتخفى ويستتر.

فتشوا عن النواقص فينا وطرحوها كأنها قاعدة وما دونها استثناء، فالتبس الأمر على الصغير والكبير، وبتنا نتساءل ونحن نرى علو صوتهم سراً وجهراً: من منا على صواب؟

صنفونا وفق رؤيتهم فأصبحنا «الجيل القديم المتشدد غير المنفتح على الحياة»، لينفردوا بالعقول الشابة التي تتطلع إلى المستقبل دون قدرة على التفريق بين الغث والثمين. أخبرونا أن الفن مرآة المجتمع يعكس مشكلاته وعيوبه وينتصر للخير في النهايات حتى وجدنا مجتمعاً آخر يروج للعنف ولكل ما هو شاذ وغريب.

فرضوا سطوتهم حتى انتشرت الجرائم والأمراض النفسية والانحرافات في غياب الرقابة والرفض الأخلاقي والديني. تمادوا حتى بلغ التجاوز منتهاه، وبدأ الطرق على أبواب المحرمات والكبائر ظناً منهم بسهولة تقبلنا لها كما قبلنا غيرها.

«أصحاب ولا أعز» ليس مجرد فكرة فيلم أو تمثيل بارع أو لقطة من المجتمع كما يدافع عنه البعض، بل رسالة مسمومة مغلفة بطابعهم الحضاري المنفتح، لكن صميمها يمهد لتقبل كل الفحش والمحرم وفق عبارتهم الشهيرة «اتس أوكي».

«أصحاب ولا أعز» بمثابة السفح في المثل الشهير «أولئك الذين يهبطون منحدراً، لا يتوقفون عادة إلا عند السفح»، توقفنا بعد أن هبطنا منحدرهم كاملاً لنشعر جميعاً بغصة كبيرة لكل هذا العبث الذي شاركنا فيه حين دعمنا باشتراكات شهرية القنوات والمنصات المسمومة، حين لم نطلق يد القانون حديدية ونحكم رقابة سمائنا المفتوحة ونحسن تحصين أبنائنا وحمايتهم.

ردة الفعل الصادمة لصناع الفيلم تُعد أول عودة حقيقية لجادة الطريق وتُعد إنذاراً لمن يحاول تكراره، فرغم كل ما حدث، مازلنا بخير، ومازال الأسوياء هم القاعدة، ومازال نقاء صورنا وطهرها قادراً على طمس صوركم المشوهة مهما كان بريقها.

@amalalmenshawi

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

الأكثر مشاركة