محاضرة الشرير

عندما تصل إلى المشهد الأخير من فيلم تجد مواجهة بين البطل والشرير، تجدها في أي فيلم، هندي أو عربي أو أميركي، أياً كان. ألم تتساءل لماذا يحاضر الشرير البطل قبل أن يحاول قتله، وخلال المحاضرة ينقلب الموقف لمصلحة البطل وينتهي الفيلم.

محاضرات أشرار الأفلام أنواع، وبعضها له مبرراته، والبعض الآخر يعكس كسل كاتب النص عن الإتيان بجديد، وجود المحاضرة عادة ضروري لكشف دوافع الشرير، وهذه مرتبطة بحبكة الفيلم أو المسلسل، ومن دون الحبكة تضيع القصة، وهناك فرق بينهما ليس هذا مكان شرحه.

في أفلام الأبطال الخارقين مثلاً، تستخدم محاضرة الشرير لإضفاء التوتر على المشهد من جهة، ولتخدم الحبكة فيشعر المشاهد بجسامة الموقف.

لكن هناك أفلام تجد فيها الشرير مصوباً مسدسه في وجه البطل ثم يقول: «وأخيراً التقينا يا جيمس.. لن تستطيع إيقاف مخططي للسيطرة على موارد الماء في العالم»، وهذا النوع من المحاضرات موجود في كل أفلام جيمس بوند مثلاً، حتى الروائع منها.

نقاط الضعف أننا نعلم دوافع الشرير منذ بداية الفيلم، ومحاضرته هنا لا معنى لها، ونعلم أن المحاضرة تشتري لجيمس وقتاً يخطط فيه للخروج من الأزمة، ويخرج منها فعلاً، لأن الشرير لم يفعل الشيء الوحيد المنطقي وهو التخلص من البطل! هل احتاج المخرج إلى هذا المشهد الضعيف؟ بالطبع لم يكن بحاجة إليه، لكن الموضوع كله كسل كاتب النص.

في أفلام «داي هارد»، تأتي المحاضرة بطرق أذكى من أفلام جيمس بوند، فالأشرار إرهابيون ولا يكشفون دوافعهم، والملازم جون مكلين يكتشفها بعقلية المحقق وهو يخوض غمار المواجهة، وهذا أذكى أنواع الكتابة السينمائية، لأنه كلما اكتشف معلومة جديدة عن مخطط الإرهابيين، تأخذه المعلومة إلى مرحلة جديدة من المواجهة.

لا نتكلم عن المواجهة النهائية، لكن مواجهة تأخذ القصة إلى الأمام، وهنا نأتي إلى الفرق بين بوند ومكلين من ناحية توصيف الشخصيتين، فالأول تصله المعلومة جاهزة ويتركز التوتر في مشاهد الأكشن فقط، أما الثاني فيحل اللغز بنفسه ما يجعل المشاهد مندمجاً ومهتما بالتفاصيل أكثر.

في النهاية جيمس بوند ينتصر في كل أفلامه لأن أعداءه أغبياء، بينما مكلين ينتصر لأنه ذكي وجريء، ويتمتع بالثبات والقدرة اللازمين لإحباط المخطط الإرهابي، وهذه النهاية أقوى وأرسخ في الذاكرة، وأكثر إقناعاً من نهايات بوند التقليدية.

موقف

في الفيلم الشهير The Good, The Bad, and the Ugly عام 1966، يدخل صائد غنائم على توكو الذي يستحم في رغوة صابون كثيفة، فيقول الأول: «لقد كنت أبحث عنك منذ ثمانية أشهر، والآن أنت في وضعية تناسبني لقتلك»، فيطلق توكو النار من مسدسه المخبأ تحت الرغوة و يقتل صائد الغنائم، ثم يقول عبارته الخالدة: عندما تريد أن تطلق النار، فأطلق النار ولا تثرثر!

كانت العبارة الشهيرة ارتجالاً من إيلاي والاك وليست مكتوبة في النص، ما جعل طاقم الفيلم ينفجر ضاحكاً عليها، رغم أن والاك نفسه لم يقصدها كنكتة!

Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

الأكثر مشاركة