مساحة حرة

زايد الملهم

فيصل محمد الشمري

مر علينا عيد جلوس الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي يصادف 6 أغسطس، مشبعاً بذكريات خالدة وإنجازات هائلة، وقفزات حضارية وإنسانية غير مسبوقة، توّجها تصريح سياسي في دولة عظمى بأن مستوى جاهزية بنيتهم التحتية والتقنية، يجب أن يتحسن ويتطور ليماثل وطن السعادة دولة الإمارات. وجاء إعلان سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، عن مبادرة «زايد الملهم» وتطوير منصة عالمية متكاملة للإلهام باسم الوالد المؤسس، لتكون مبادرة عالمية مهمة، أحوج ما نكون لها اليوم لتسهم في نقل رسالة والتزام إنساني للإيجابية والإلهام.

إن ما حبانا الله به من نعم جاء ثمرة لإخلاص وعطاء وبناء وتخطيط مستمر منذ عام 1966، ولأن الشكر والحمد باب لدوام النعم، ولتخليد ذكرى الوالد المؤسس وإسهاماته وباقي الآباء المؤسسين، نوصي باعتماد يوم ذكرى عيد الجلوس يوماً وطنياً للإلهام الوطني، نستلهم منه العبر والدروس، التضحيات والظروف والصعاب، وحجم الجهود التي بُذلت لنصل اليوم إلى ما وصلنا إليه.

كما أنها فرصة للتأكيد على أهمية العنصر البشري وتذكير القطاعات المتأخرة في تحقيق نسب التوطين المستهدفة بحجم الاستثمارات التي رصدتها القيادة لتعزيز كفاءة العنصر البشري، واستقطاب الكفاءات من شتى بقاع المعمورة لنقل المعرفة التخصصية وبناء القدرات.

فأصحاب المناصب القيادية لولا برامج التطوير والتدريب والتعليم الوطنية ما استطاعوا أن يتبوأوا هذه المناصب، حيث يجب أن يكون شغلهم الشاغل وواجبهم اليومي خطط التوطين والتدريب والتأهيل ليسددوا بعضاً من أفضال الوطن عليهم.

ومع ما نشهده من تحول رقمي مهول ستستطيع بعض القطاعات قريباً نقل موظفيها للعمل عن بعد من قارات ودول بعيدة.

كما يجب أن يتم النظر من الآن لآليات عمل البنوك والمصارف الرقمية أو التي بصدد التحول للعمليات الرقمية، فلا نريد أن نصدق أن عدد موظفيهم (صفري) بينما المئات يعملون خارج الحدود الجغرافية بنظام التعهيد أو مراكز الخدمة والاتصال من قارات أخرى، لا لشيء إلا للتوفير وتعظيم الربحية.

إن يوم الإلهام الوطني فرصة للتذكير بركائز المكتسبات الوطنية، وفرصة لإعلان المبادرات التي كانت عزيزة على قلب زايد، وجعلت الدنيا تغبطنا على حب قيادتنا للشعب وقربها منه، وهو ما استمر وتواصل، لكن يجب تذكير قيادات المؤسسات والشركات العملاقة بمسؤولياتهم الوطنية، فالذكرى تنفع المؤمنين.

وأقتبس هنا دعوة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة: «أيتها الأم أيها الأب امسك القلم وأجلس أبناءك حولك واكتب وسطر: هذا ما كان يحبه زايد، هذا ما كان لا يحبه زايد، ونجمع تلك الأوراق، لا نضعها على الرفوف، ولا نتغنى بها على الدفوف، وإنما نضعها في الصدور، ونضعها في مقدمة الدستور، بهذا الوفاء نكون قد أوفينا الرجل حقه». إن تعيين 104 مهندسين ومهندسات أخيراً في هيئة كهرباء ومياه الشارقة، تحقيقاً لرؤية سمو الحاكم في تولي الكوادر الوطنية قيادة الطاقة في الإمارة وفي مختلف التخصصات الهندسية، دلالة عميقة على التزام قيادي بما نادى به سموه من وضع ما أحبه زايد في مقدمة الدستور، ليتحقق بهذا الوفاء ونكون قد أوفينا الوالد المؤسس حقه.

ونأمل أن تقوم الجهات المعنية بحوكمة التوطين في القطاع الخاص وخاصة القطاعات المالية والمصرفية والتقنية، بإعلان نسب الزيادة أو الانخفاض في التوطين بالفروع المحلية والإقليمية والعالمية لشركاتنا الوطنية وخاصة المسجلة في الأسواق المالية.

فمن يسبح عكس تيار توجيهات القيادة لمصالح آنية ومؤقتة لا يستحق البقاء ونأمل تبديله.

لنعتمد ذكرى عيد الجلوس يوماً وطنياً للإلهام، وليصبح فرصة للجميع لإظهار إلهامهم بذكرى زايد وإعلان مبادراتهم الوطنية الملهمة، ولا إلهام أكثر من توصيل المعروف لأهله من أبناء الوطن.

مستشار تحول رقمي ومحاضر وخبير تميّز معتمد

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر