مكافحة المخدرات قبل وصولها ليد الشباب وليس بعدها

مكافحة المخدرات يجب أن تبدأ في مراحل مبكرة، ولعل أهم وأفضل مرحلة لمكافحة الإدمان والتعاطي، وأكثر جدوى وفاعلية ونفعاً، هي مرحلة ما قبل وصول المخدرات إلى يد الشاب أو الفتاة، وقبل البدء في تعاطيها، لأنها إن وصلت، ولو كان ذلك من باب التجربة، فلا شك إطلاقاً في أن المكافحة تزداد صعوبة وتعقيداً، أما إن وصل الأمر إلى مرحلة الإدمان، فعندها يصبح طريق العودة أكثر صعوبة، ويصبح حينها طريقا السجن والموت هما الأكثر قرباً للمدمن أو المدمنة.

الجميع مسؤول عن حماية المجتمع من المخدرات، ولعل المسؤولية الكبرى في هذه الظاهرة الخطيرة لا تقع على الجهات الأمنية وحدها، ولا على مجلس مكافحة المخدرات في الإمارات، بل تقع كما رتّبها سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، في تغريدة له، على الفرد نفسه، ثم عائلته، ثم المجتمع والجهات المختصة.

نعم، كل إنسان مسؤول مسؤولية تامة عن حماية نفسه، والحفاظ عليها، وحتى نضمن أن يصل شبابنا إلى هذه القناعة، وإلى هذه المرحلة من حماية النفس، فلابد من زيادة جرعات الوعي بخطورة المخدرات في نفوسهم، في وقت مبكر جداً، وفي مراحل سنية صغيرة، حيث لابد من زرع الخوف من هذه الآفة بعد إقناعهم بمضارها، وتصوير نهاية طريق كل من يسير في دربها. لابد أن يروا ويعوا ذلك في مراحل مختلفة من أعمارهم، ليس فقط على نطاق المدرسة، بل في كل مكان يذهبون إليه، في المدرسة والبيت، وفي الأماكن العامة، وكل الأماكن الواقعية أو الافتراضية التي يتواجدون فيها. لو نجحنا في ذلك، وحصّنا هؤلاء الصغار بشكل مركز وعلمي ومخطط له بشكل جيد، ومتناسق بين الأُسر والمدارس والجهات المعنية، فإننا دون شك سنخلق حاجزاً نفسياً في قلب كل صغير، يصعب اختراقه عندما يتدرج في مراحل الدراسة المختلفة، والمرحلة العمرية التي يبدأ خلالها في مخالطة المجتمع.

للأسرة دور مهم، لا أحد يختلف عليه، ولكن للأسف تفقد الأسرة السيطرة، ويبدأ أفرادها بالصراخ والصياح، وتبدأ معاناتهم بشكل مؤلم في حال وصول الابن إلى مرحلة الإدمان. هُنا لا يمكن أن نطلب من الأسرة شيئاً، لأنها ستكون أضعف من أن تقدم شيئاً، فقد وصلت إلى مرحلة فقدان زمام السيطرة، ووصل الأمر إلى نقطة اللاعودة؛ لذا حتى تتجنب الأُسر الوصول إلى هذا المنعطف الخطير، عليها ألا تهمل التوعية في المراحل العمرية الأولى، التوعية بتقديم المعلومات، والنصائح، وبشكل واضح وصريح، وبكل الوسائل: الترغيب والتخويف، والإقناع، وبشكل مستمر، حتى تزرع القناعة الذاتية لدى أبنائها بضرورة تجنب المخدرات، والحبوب، والإبلاغ فوراً عن كل صديق يعرض عليهم نوعية من هذه الممنوعات. إذا استطاعت كل أسرة أن تصل بأبنائها إلى هذه القناعة الذاتية، فإننا حتماً سنصعّب كثيراً من مهمة تجار الموت.

لذا علينا أن نبدأ فوراً بوضع الخطط والبرامج والمواد التوعوية الصالحة لكل مرحلة عمرية، لنطلق حملة وطنية شاملة لحماية الجيل المقبل من مخاطر المخدرات، وبراثن المجرمين الذين يسعون لدمار المجتمع من أجل حفنة من المال.

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

الأكثر مشاركة