وداعاً إدوارد دي بونو

رحل عن عالمنا، يوم التاسع من يونيو الجاري، صاحب نظرية التفكير الإبداعي، وصاحب قبعات التفكير الست، التي سلطتُ عليها الضوء في هذا العمود، يوم الأول من ديسمبر عام 2020.

رحل بهدوء في جزيرة مالطا، التي يعد دي بونو أيقونة من أيقوناتها، نعاه رئيس مالطا، جورج فيلا، قائلاً: تعد وفاة البروفيسور، إدوارد دي بونو، خسارة للأمة بأسرها، لقد وضع مالطا على الخريطة، وغيّر طرق التفكير.

وُلد دي بونو في 19 مايو عام 1933، وحصل على بكالوريوس الطب من جامعة مالطا، ثم ماجستير علم النفس من جامعة أكسفورد في بريطانيا، وبعده الدكتوراه في الطب من جامعة كامبريدج، ألّف أكثر من 60 كتاباً لشرح نظرياته في التفكير الإبداعي، ومساعدة الناس في التحرر من التفكير بالطريقة النمطية والإغراق في استخدام المنطق، قدمت هيئة الإذاعة البريطانية مسلسلاً تلفزيونياً مبنياً على أعماله، عمل محاضراً في الجامعات الثلاث أكسفورد وكامبردج وهارفرد، وأسس مدرسة التفكير بنيويورك في الولايات المتحدة.

استطاع دي بونو توثيق فكره ونشره، بالإضافة إلى تدريب أسطول من المدربين المؤهلين، ففي عام 1991 وصل عدد مدربي التفكير الإبداعي إلى 400 مدرب، يعملون في 27 دولة، ساعد شركات عالمية مثل «بوينغ» و«نستله» و«إرنست آند يونج» والخطوط البريطانية.

وكان رجل أعمال ناجحاً، حيث حققت شركاته وبرامجه التدريبية نجاحاً غير مسبوق في كل دول العالم.

أكسبته أعماله شهرة عالمية، ومنحته جامعات كثيرة الدكتوراه الفخرية، بداية من ملبورن في أستراليا إلى دندي في أسكتلندا، لكن التكريم الأكبر حصل عليه عندما تم تسمية كوكب باسمه، وهو الكوكب DE73، الذي أصبح Edebono، تقديراً وتخليداً لاسمه، كما مُنح وسام الاستحقاق الوطني من مالطا عام 1995.

أهتم دي بونو كثيراً بنظام التعليم، وكان يرى دائماً أنه يجب إعطاء الفرصة للأطفال للتفكير الإبداعي، وأن نثق بقدراتهم، وقد أجرى تجربة عملية، حيث طلب من مجموعات أطفال وضع حلول لمشكلات كبيرة، مثل تصميمات لمنازل، ونشر نتائج التجرية عام 1972 في كتاب بعنوان «الأطفال يحلون المشكلات»، كان يؤمن أيضاً بأهمية الفكاهة، وأنها تقصر المسافات، وينبغي تعلم تلك المهارة.

وضع حلولاً لمشكلات مستعصية منها مشكلة إسرائيل وفلسطين، من أهم إنجازاته في الفترة الأخيرة تأسيس مبادرة «قصر التفكير الجديد» بالقصر الرئاسي في مالطا، وهو منصة لتوليد تفكير جديد حول القضايا العالمية، وإسهام للعالم من أجل إعادة النظر في طرق التفكير.

اختار دي بونو أن يؤسس مشروع إرثه في جزيرة مالطا لأنها ذات تاريخ عريق، وفي الوقت نفسه أصغر من أن تشكّل تهديداً لأي دولة، وتعبيراً لانتمائه لوطنه.

التقيت به عام 2001 في أبوظبي، ثم في 2020 عبر الإنترنت، ضمن فريق عمل تطوير نظام التعليم في مالطا، وعندما طلبت منه كتابة كلمة لكتابي الجديد وصلتني الكلمة خلال أيام، وذلك درس لن أنساه، حيث يظل التواضع والعمل من سمات العظماء، الموت حق وقد رحل جسد دي بونو، لكنه سيظل خالداً بعمله وإسهاماته. وسيشيع جثمانه يوم السبت 19 يونيو الساعة 10:30 صباحاً بتوقيت أوروبا، وسيتم البث الحي من خلال رابط على الموقع deBono.com.

• استطاع دي بونو توثيق فكره ونشره، بالإضافة إلى تدريب أسطول من المدربين المؤهلين.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

الأكثر مشاركة