ما «الإيكوسيستم»؟

يحاول الكثير من المؤسسات والدول تطبيق مبادرات ومشروعات، قد ينجح بعضها نجاحاً كبيراً، والبعض الآخر يلاقي حظاً بسيطاً من النجاح، وقد تخفق تلك المبادرات في بعض الأحيان، فمثلاً عندما حاول الأميركيون تطبيق نظام التحسين المستمر الياباني المعروف باسم «كايزن» لم ينجح ذلك النظام، وبالمثل لم ينجح تطبيق نظام «سيجما 6» في اليابان، وذلك لأن النظام الأكبر الذي يتم فيه تطبيق المبادرات والمشروعات يحتوي على أنظمة داخلية عدة مثل المصفوفة أو المنظومة، يشمل ذلك الثقافة السائدة، نمط الحياة، المحركات التي تقود الأعمال، البنية التحتية، وتوافر الكفاءات البشرية، والعديد من العناصر الأخرى، هذه العوامل تكون مفهوم «الإيكوسيستم».

الترجمة الحرفية لكلمة «إيكوسيستم» هي النظام البيئي، وبالفعل فالكلمة مستعارة من نظام الحياة البيئية، ففي الغابة مثلاً يعتمد كل عنصر على العناصر الأخرى، فالشجر يرتوي بماء المطر وينتج الأوكسجين الذي تستنشقه الكائنات الحية الأخرى، وعندما تموت الحيوانات فإنها تغذي التربة التي تصبح خصبة فيزداد نمو الأشجار والنباتات، وتأتي فصول السنة لتغير معالم ما ينتج وما يستهلك، وهكذا، فإذا سقط عنصر من المنظومة تأثرت بقية العناصر، ولدينا المثال الشهير على ذلك عندما أمر الزعيم الصيني ماوتسي تونغ في عام 1958 بإبادة العصافير التي كانت تأكل بعض الحبوب في الأراضي الزراعية فنتج عن ذلك تكاثر الجراد بكثرة، حيث لم تعد العصافير موجودة للتغذى عليه، وبالتالي أتى الجراد على الأخضر واليابس وتعرضت الصين لمجاعة كبرى.

يكثر استخدام المصطلح الآن في عالم الأعمال، وقد يكون من المربك استخدام كلمة النظام البيئي، لذلك يمكن استخدام الكلمة كما هي «إيكوسيستم» أو استبدالها بكلمة منظومة، إذا اتفقنا على أن المنظومة هي مجموعة من المكونات والأجزاء التي تعتمد في عملها على بعضها طبقاً لتخطيط محدد يسهم في الوصول إلى أهداف محددة بعينها.

ومن هذا المنطلق فقد نستفيد جميعاً، خصوصاً صانعي السياسات وقادة التغيير بتشرب مفهوم المنظومة في حل المشكلات، ويمكن أن يستفيد الجميع من تبني هذا المفهوم سواء كانوا أفراداً أو مؤسسات أو حكومات، فمثلاً بعض وزارات التعليم توسعت في توظيف التكنولوجيا، خصوصاً هذه الأيام بسبب القيود التي فرضها «كوفيد-19»، وقد افترضوا أن الأمور ستسير على ما يرام غير منتبهين إلى ضعف البنية التحتية مثلاً، ففي الكثير من الدول لايزال هناك ضعف شديد في سعة وسرعة الإنترنت، بل إن بعض الدول تعاني ضعفاً شديداً في إمداد التيار الكهربائي.

وبالتالي، مهما استثمرنا في برامج وتكنولوجيا دون بنية تحتية، فلن تأتي تلك الاستثمارات ثمارها، ناهيك عن الأمية التكنولوجية لدى بعض المعلمين الذين يحتاجون إلى مبادرات ودورات ممنهجة لتطوير مهاراتهم التكنولوجية، والأمثلة كثيرة على ذلك. من المهم أن نبدأ بأنفسنا ونعي جيداً كيفية تبني مفهوم المنظومة في كل ما نقوم به.

• الترجمة الحرفية لكلمة «إيكوسيستم» هي النظام البيئي، وبالفعل فالكلمة مستعارة من نظام الحياة البيئية.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

الأكثر مشاركة