مساحة حرة

العمل عن قرب

فيصل محمد الشمري

تشدد القوانين واللوائح المؤسسية على أهمية الحفاظ على العلاقات المهنية بعيداً عن أي مسببات للخلاف أو تضارب للمصالح، ومن أمثلة ذلك العلاقات العاطفية والارتباط بالزواج.

- كثير من الشركات والمؤسسات تمنع وجود الأحباب والأصدقاء في الوحدات التنظيمية ذاتها.

إن العلاقة الزوجية السامية تتطلب الفصل بين المنزل والمكتب، واحترافياً يصعب ذلك في ظل وجود الزوجين معاً في مؤسسة واحدة أو مكتب واحد، وما لهذا الأمر من أثر سلبي على علاقات العمل مع الآخرين. كما أن هذا النوع من التواجد الأسري المكتبي يكون مؤثراً بشكل سلبي إما على الموظفين الآخرين الذين قد يرون هذه العلاقة الزوجية سبباً في محاباة للطرف الآخر، أو قد تكون سبباً في تمييز سلبي لمنع هذه الصورة النمطية من التشكل، وهو الأمر الذي نادراً ما يحدث.

إن وجود قوانين منظمة تمنع بقاء أي طرف في العلاقة الزوجية بالمؤسسة أو القسم ذاته، وتلزم قانوناً بالتصريح عند التقدم لوظيفة بأي صلة قرابة مع أي موظف أو مسؤول، وضعت للحد من المحاباة والمحسوبية، كما أن كثيراً من الشركات والمؤسسات في الدول الأكثر تقبلاً للعلاقات غير المؤطرة بالزواج، تمنع وجود الأحباب والأصدقاء في الوحدات التنظيمية ذاتها، مع عقوبات صارمة تصل للفصل، وكل ذلك بهدف منع انتقال خلافات العمل للمؤسسة أو خلافات المؤسسة للمنزل.

فلا أحد يريد أن يسمع تعليمات تحد من صلاحيات اجتماع مع فلان أو فلانة، أو تعليمات مماثلة لقراقوش في القرون الغابرة، والتي إن لم تنفذ «لاسود نهاره وانقلب النهار ليلاً والليل نهاراً».

إن القوانين واللوائح المنظمة لعدم جواز عمل الأقارب بالدم أو النسب وضعت لهدف سامٍ يحمي المؤسسات ويحد من الخلافات والتجاوزات التي قد تصل أحياناً لمخالفة القوانين والنظم والمحسوبية التي يتم تجاوز القوانين بها، وهو الأمر الذي يدفعنا لسؤال مديري الموارد البشرية:

متى عقدت آخر دورة أو ندوة أو محاضرة عن قواعد السلوك الأخلاقي في المؤسسة؟ وهل تم شرح أسس وقواعد وتبعات مخالفة تمييز الأقارب بالدم أو بالمصاهرة، وتبعات وجود الزوجين معاً في المؤسسة ذاتها؟

هل يتم إعداد تقارير دورية عن هذا النوع من المخالفات وآثارها الاجتماعية على المعنيين وعلى الآخرين، وآثارها على أخلاقيات العمل وممارسات الموظفين ورضاهم ومنحهم حقوقهم وامتيازاتهم دون محاباة لفلانة أو فلان؟

إن هذه القواعد البسيطة «للتباعد الاجتماعي» الحميد، تعزز احترافية العمل وتجعل العمل الأسري عن قرب في مؤسسة واحدة أمراً منبوذاً ويشكل تحدياً وسلبيات تعيق العمل وتطوره، وتحرم الآخرين حقوقهم، وهو أبسط أشكال الواسطة التي يجب القضاء عليها.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

- مستشار إداري داخلي غير مقيم في مركز الإمارات للمعرفة والاستشارات بكلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية

تويتر