مساحة حرة

أشقر الشعر أزرق العينين

فيصل محمد الشمري

التقارير المالية والاستشارات الإدارية والتقنية حين تأتي من بعض الشركات تنظر لها البنوك والشركات الائتمانية كأنها دساتير لا يمكن تغييرها، لا يستطيع ذو لُب رشيد أو عقل فريد أو منطق وحيد أن يخالفها أو يناقضها، وتجد خزائن البنوك تشرع أبوابها كأن علي بابا قال كلمة السر السحرية «افتح يا سمسم»، وترى المليارات تهطل هطول السحاب المحمل بالمطر في عاصفة استوائية، بينما لو ذهب أحدهم دون صك من صكوك غفران هذه الشركات الاستشارية لأوصدت في وجهه الأبواب، ولأخذ يضرب أخماساً في أسداس دون نتيجة.

- واقع الحال يدفعنا للسؤال عن أسباب عدم الأخذ بالشركات الاستشارية المحلية أو العربية للتقييم أو إصدار تقارير رقابية.

إن قيام جهات رقابية أجنبية بالتحقيق في وجود تضارب مصالح مع إحدى هذه الشركات، حسب ما أوردته بعض الصحف والمصادر الرقابية، وكذلك في مصداقية وصحة أحد تقاريرها التي أصدرتها لدينا، مع إمكانية مساءلة المعنيين عن هذا التقرير، ووجود عقوبات رادعة وجزاءات معلنة متوقعة؛ يسهم في هز أحد أركان الشركات الاستشارية العالمية، ما يدفعنا للتساؤل: من لدينا من الجهات مخول باتخاذ إجراءات رادعة والتحقق من مصداقية أعمال وتقارير هذه الشركات ومساءلتها عن أي خلل أو خطأ مقصود أو غير مقصود؟ بل ويجب أن تصل الأمور إن ثبت وجود إهمال جسيم أو خطأ متعمد إلى مساءلة مدنية وأخرى جنائية للمعنيين أو المتورطين، مع قرار بمنع أو وقف التعاقد مع من يثبت عليه ذلك. كذلك من المأمول منع البنوك والمصارف من الأخذ بالدراسات والتقارير القائمة على النسخ أو القص واللصق، فلا نستغرب حين نسمع أحياناً أن دراسة كلفت 6 أو 7 أصفار، لم يكلف المعنيين عناء تبديل اسم مؤسسة في قارة أخرى للجهة المتعاقدة معهم لدينا. والأسوأ أن تجد مصرفين أو شركتين متنافستين تتعاقد مع الشركة نفسها لتقديم دراسات تبين من نطاقها وجود تضارب مصالح، بينما لم تمنعها الضوابط ولم يمتنعوا هم عن التصريح به، فمن أمن العقاب أساء التصرف.

إن واقع الحال يدفعنا للسؤال عن أسباب عدم الأخذ بالشركات الاستشارية المحلية أو العربية، للتقييم أو إصدار تقارير رقابية أو دراسات استشارية تخصصية،وهو ما يذكرنا بالمثل الشعبي الذي يذكر الحارة والماعز، ولا مجال لذكره هنا أدباً ومنعاً للحرج، وعليه نكتفي بالقول:إن مطرب الحي لا يطرب.

نتمنى من الجهات الرقابية المالية المعنية أن تتخذ ما يلزم لوقف دراسات القص واللصق، والتحقق من شفافية ونزاهة التقارير الرقابية لبعض هذه الشركات التي تدعي العالمية، وما العالمي بها غالباً سوى الاسم، فلقد وصلنا بتنافسيتنا وقدراتنا إلى أن يستنسخوا هم من ممارساتنا، وإن كان ولابد فسنلبس عدسات زرقاء ونصبغ الشعر أشقر.

مستشار إداري داخلي غير مقيم في مركز الإمارات للمعرفة والاستشارات بكلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.

تويتر