كـل يــوم

تقييم الأكاديميين يجب أن يكون من أكاديميين

سامي الريامي

أعتقد، وبعد مرور 40 عاماً على قيام الدولة، أنه لم يعد من المقبول الاستعانة بشركات استشارية أجنبية لتقييم عمل ما، أو موظفين في جهة حكومية، أو مؤسسة تعليمية، لأن التجارب السابقة، وهي كثيرة جداً، أثبتت أن أهل مكة أدرى بشعابها، وكذلك أهل الإمارات، وفي كل مؤسسة هناك من الخبرات والكفاءات الوطنية والمقيمة ما يغني عن اللجوء إلى شركات خارجية تُصرف عليها الأموال، ونتائجها غالباً ما تكون غير دقيقة، أو بالأحرى غير مفيدة!

لا مانع من تقييم الموظفين، ولا مانع من إعادة الهيكلة، كمبادئ عامة لتطوير العمل، ولكن عندما نتحدث عن مؤسسة تعليمية رائدة كجامعة الإمارات، التي خرّجت معظم قياديي ومسؤولي الدولة حالياً، فالوضع مختلف نوعاً ما، فالأكاديميون، والأساتذة الجامعيون، خصوصاً أولئك الذين يمتلكون خبرات تتعدى 10 و20 عاماً، لا ينبغي تقييمهم من شركة استشارية، لا يحمل موظفوها شهادات عليا، ورغم أن هذا الفعل مستغرب في هذا التوقيت، فالمؤسسة التي لا تستطيع تقييم موظفيها بعد 10 سنوات، لا شك أنها تعاني خللاً ما، إلا أنه، وإن كان هناك بد من التقييم، فلتفعل ذلك إدارة الجامعة مع كبريات الجامعات العالمية الشهيرة، وليس من قبل شركة استشارية لا تملك أدنى خبرة في تقييم الجامعات!

ليس تجنياً على تلك الشركة، ولكن من يطلع على الاستبيان الذي تم توزيعه لتقييم شخصيات تشغل وظائف قيادية، وأكاديميين مخضرمين، يشعر فعلاً بالخجل، والرغبة في الضحك، فالأسئلة لا تنسجم أبداً مع طبيعة وثقافة المجتمع أساساً، فكيف وهي موجهة إلى أساتذة جامعة وقياديين فيها، فهل يعقل أن تكون أسئلة التقييم في الاستبيان من نوع: «هل أنت مستعد للذهاب إلى حفلة كل ليلة؟»، أو «هل تستمتع بإقامة الحفلات؟» أو «عندما كنت صغيراً هل كانت هناك أوقات رغبت فيها في مغادرة البيت؟»!

لا نعرف أين الربط بين مثل هذه الأسئلة، وغيرها في تقييم أساتذة جامعة قضوا سنين طويلة في مهمة صعبة، وهي تعليم وتدريس أبنائنا طلبة التعليم العالي، أو في إدارة صرح من صروح الجامعة، والمشكلة الكبرى أنه بناء على إجابات مثل هذه الأسئلة، سيتم تحديد بقاء الأستاذ أو الدكتور أو الموظف في منصبه أم لا، بغض النظر عن منصبه وتاريخه وموقعه!

‎هناك إحساس عام يراود جميع المواطنين في الجامعة، مع اختلاف مستوياتهم ومراكزهم الوظيفية، سواء كانوا من الأكاديميين أو الإداريين، بأن ما يحدث بقدوم هذه الشركة ما هو إلا وسيلة للتخلص منهم، وتنحيتهم عن وظائفهم، بشكل قانوني، حيث بدأ بالفعل استقطاب الأجانب للعمل بعقود، في الوظائف المتوسطة والدنيا (الإشرافية والإدارية) في الجامعة، ما يؤكد أن إدارة الجامعة تسعى لإحلال الأجانب محل المواطنين، وليس العكس!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر