أين تكمن مسؤولية الجهات ومسؤولية الناس؟!

لماذا يلجأ الناس إلى وسائل التواصل الاجتماعي لعرض مشكلاتهم وشكاواهم بدلاً من اللجوء إلى الجهات المعنية مباشرة؟ ببساطة لأنهم يريدون إيصال شكاواهم أو حاجاتهم إلى أصحاب القرار، خصوصاً أن معظم هؤلاء لا يثقون كثيراً بالوسائل المتاحة من قبل الجهات الحكومية لإيصال الشكاوى، والأهم من ذلك، أنهم يعتقدون، بل ربما متأكدون، من أن عرض المشكلة في وسائل التواصل الاجتماعي أسهل وأفضل وأسرع طريقة لحل المشكلة، وذلك بعد أن ثبت لهم ذلك في حالات كثيرة!

حدث ذلك فعلاً، وحُلَّت مشكلات عديدة بعد طرحها من قبل أصحابها على «التواصل الاجتماعي»، ولكن حل هذه المشكلات تسبب في مشكلات أخرى قد تكون أكبر، حيث زاد في الآونة الأخيرة لجوء أفراد المجتمع إلى «التواصل الاجتماعي» للحديث عن مشكلاتهم الحياتية، وبشكل غير دقيق أو غير متكامل، فمن الطبيعي جداً أن يُظهر الشخص الشاكي نصف الحقيقة، أو حتى ربعها، لينقل صورة ناقصة ومشوهة، ويتسبب في نشر السلبية والامتعاض، في المجتمع بشكل عام، إضافة إلى تقديمه مادة مسيئة للدولة، يقتنصها الحاقدون والمتربصون، ويستخدمونها بشكل سلبي وسيئ، للنيل من الدولة!

المسؤولية هنا تقع على جميع الأطراف، فالجهات الخدمية الحكومية مطالبة بفتح أبوابها على مصراعيها لتلقي الشكاوى والمظالم بجدية، وعليها تفعيل جميع الوسائل الإلكترونية والتقليدية لاستقبال شكاوى ومشكلات جميع المتعاملين والمواطنين، ولابد أن تلزم نفسها بقرارات داخلية لإعطاء كل شكوى الوقت والطريقة المناسبة لاستدعاء صاحبها، والتأكد من أحقيته بالحصول على مطلبه، ثم إغلاق الشكوى، ولابد أن يتم ذلك عبر رقابة ومتابعة.

إن تم هذا الإجراء بالشكل والكيفية المطلوبين، فإنه حتماً سيشكل البديل الرسمي الذي يحظى بثقة الناس، ويغنيهم عن اللجوء إلى وسائل التواصل، فبدلاً من أن يسجل المواطن فيديو قصيراً، يتحدث فيه عن مشكلته، لبثه على «السوشيال ميديا»، سيفعل الشيء ذاته، وسيبعث الفيديو إلى الجهة المختصة، لو كان يثق حتماً بأن هناك من سيشاهده، ويتابع موضوعه، ويبحث عن حل لمشكلته!

والمواطنون كذلك عليهم مسؤولية، فليست كل مشكلة قابلة للعرض على وسائل التواصل الاجتماعي، وهذه الوسائل ليست هي المكان المناسب لطرح مشكلات اجتماعية في مثل هذه الظروف، فسلبيات عرض المشكلة أكبر بكثير من إيجابياتها، كما أن إقحام أولياء الأمر والقادة في كل صغيرة، أسلوب غير مقبول، وتظل هذه المشكلات قابلة للحل في الجهات التنفيذية، والأمانة تقتضي عدم تجزئة الحقيقة، وعدم إخفاء جوانب منها بهدف استمالة واستعطاف الرأي العام، كما أن الموازنة بين المصلحة العامة والخاصة أمر في غاية الأهمية، وهناك مئات المواطنين لديهم مشكلات عديدة، لكنهم أبعد ما يكونون عن طرحها علناً، خوفاً على سمعة البلد، وحباً في اسم الدولة.

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

الأكثر مشاركة