كـل يــوم

جدل التعليم عالمي.. ولا يوجد خيار سهل!

سامي الريامي

ندرك تماماً أن اتخاذ قرار حاسم بشأن شكل وآلية التعليم في العام الحالي أمر صعب للغاية، ليس هنا في الإمارات فقط، بل هو محط جدل ونقاشات وتجاذبات في معظم دول العالم، فالمسألة ليست سهلة، وكل الخيارات المطروحة صعبة، ولها من السلبيات تماماً كما لها من الإيجابيات، ولا يوجد خيار أفضل من الآخر بشكل مطلق.

في المملكة المتحدة، على سبيل المثال، يرى مسؤولو القطاع الصحي ضرورة عودة الأطفال إلى المدارس بعد عطلة الصيف، محذرين من أن عدم انتظامهم في التعليم أكثر خطراً عليهم من الإصابة بـ«كوفيد-19».

وقال المستشارون في بيان أصدروه قبل يومين هناك، إن «الأدلة أظهرت أن عدم الانتظام في التعليم قد يفاقم مشكلات الطلبة الصحية والبدنية والنفسية»، ويؤكدون أن هناك أدلة واضحة على أنه حتى إذا أصيب الأطفال بـ«كوفيد-19»، فعادة لا تكون الإصابة خطرة، ونادراً ما تؤدي إلى الوفاة.

وفي الوقت ذاته يرفض وجهة النظر هذه كثير من الأطباء والتربويين والمختصين، فهم يؤكدون أن انتشار الفيروس، وإن لم تثبت خطورته على الصغار، فإنه دون شك خطر على الأساتذة والمدرسين، وأولياء أمور الأطفال وذويهم من كبار السن، فمن يضمن عدم انتقال الفيروس من الطفل إلى أبيه أو أمه أو جدته؟!

وفي بلد عربي، كالأردن مثلاً، ألمح وزير الصحة هناك إلى الخلاف بين وجهتي نظر متباينتين إزاء موضوع العودة إلى المدارس، وقال إنه يرى كوزير للصحة أن فتح المدارس أمر مخيف، بينما يرى وزير التربية أن عدم الفتح يخيف أكثر، ويهدد بضياع جيل كامل! وأعتقد أنه من الصعوبة بمكان الاختلاف مع أي منهما، فكل من الوزيرين لديه الحق في ما يقول، وكلاهما على صواب، فهل هناك قضية محيرة ومعقدة ومتداخلة مرّت على العالم كهذه القضية؟!

عالمياً لاتزال الأوضاع غير واضحة في القطاع الصحي، حول موعد ظهور علاج موثوق به لمصابي فيروس «كوفيد-19»، أو لقاح فعال ضد الإصابة بالفيروس معتمد من الجهات الصحية العالمية حتى تطمئن الأسر على سلامة أبنائها حال انتظامهم في الدوام المدرسي،ولذلك فإن استطلاعات الرأي، سواء التي أجرتها وزارة التربية والتعليم، أو صحيفة «الإمارات اليوم»، وغيرها من الوسائل الإعلامية، على وسائل التواصل الاجتماعي، أكدت أن غالبية الأسر تفضّل الدراسة الافتراضية (التعليم عن بعد) لأبنائها، وتقدّر نسبتهم بنحو 60%، وفق استطلاع «التربية»!

ويرى ذوو الطلبة أن نظام «التعليم الهجين»، الذي تستهدف الوزارة تطبيقه بنسبة 70% دواماً مدرسياً، و30% دراسة عن بعد، لن يضع حداً لحالة التخوف التي ستعيشها الأسر خلال دراسة أبنائها، إذ إن المحصلة ستكون واحدة، وهي إتاحة الفرصة للطلبة للاختلاط والتفاعل، الذي لا يمكن منعه بين الطلبة بشكل تام. 

وعلى الرغم من أن بعض أولياء أمور الطلبة يرغبون في دوامهم المدرسي، فإن أغلبهم أرجع ذلك إلى انشغالهم طول ساعات النهار في وظائفهم، ومن ثم فلا يوجد من يرعى صغارهم في المنزل، ويتابع اهتمامهم بالدراسة الافتراضية!

لذلك فالخيارات جميعها صعبة، ومن هذا الباب فقط طُرحت فكرة تأجيل بدء العام الدراسي حتى تتضح الرؤية أكثر، ورغم أنها ليست الحل المثالي بكل تأكيد، ولها كذلك من السلبيات ما لها، إلا أنها تبقى فكرة وخياراً جديداً يمكن دراسته.

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر