«وهل صنع الذرة».. «هل وصل المريخ»؟!

«وهل صنع الذرة».. «هل وصل المريخ».. جملتان تتردّدان دائماً للدلالة الإعجازية، وذلك عند محاولة وصف شيء ما بأنه صعب، أو أقرب إلى المستحيل، أو عند محاولة التقليل من إنجاز ما، بمقارنته بإنجاز كبير جداً لا يمكن فعله، وهما صناعة الذرة، أو الوصول إلى المريخ!

كل منهما إنجاز كبير في حد ذاته، فكيف بمن جمع بين الاثنين، لم يفعل ذلك إلّا قلة قليلة جداً من دول العالم المتطوّرة جداً، ولم يفعل ذلك أحد من العرب، أو من الشرق الأوسط، أو من الدول الإسلامية، إلا دولة الإمارات، التي استطاعت أن تبعث مسباراً إلى المريخ، في العام نفسه الذي ستنتهي فيه من تشييد مفاعلها النووي، وبذلك تكون قد هزمت المستحيل، فعلاً لا قولاً.

مليار و500 مليون نسمة في العالم تابعوا انطلاق «مسبار الأمل» إلى الفضاء، وسمعوا العد التنازلي باللغة العربية، للمرة الأولى في التاريخ، وعرفوا أن الإمارات دولة عربية صغيرة الحجم، لكنها عالية الطموح، فعلت ما لم يستطع كثيرون فعله، وأثبتت أن النمو والتطور والتقدم لم يكن يوماً حكراً على دول معينة، أو على مساحات معينة، وأن الدول العظيمة ليست بتعداد السكان أو المساحة الجغرافية، كما أنها ليست بقوة الجيش أو وفرة السلاح، بل بالعلم والإبداع والطموح والإنجاز، هنا تكمن القوة، وهنا تكمن الحضارة، وهنا يُصنع الإنسان المحب للإنسانية، لا ذلك المؤدلج المملوء بالشعارات الفارغة!

انطلق «مسبار الأمل» إلى الفضاء، وبدأت معه أحلام وآمال الشباب العربي في كل مكان، لرسم مستقبل باهر، مستقبل مبني على العلم، فارتفع عدد الشباب والشابات الذين سجلوا في برنامج «نوابغ الفضاء العرب» إلى 37 ألفاً، وهو البرنامج الأول من نوعه عربياً، لاحتضان ورعاية مجموعة متميزة من المواهب والنوابغ العرب، وتدريبهم وتأهيلهم في علوم الفضاء وتقنياته.

هؤلاء الشباب والشابات، جميعهم يملؤهم الأمل الذي حُرموا منه طويلاً، ويملؤهم الشغف، وتهفو قلوبهم إلى نهل العلم والمعرفة، جميعهم ينظرون إلى الإمارات باعتبارها حاضنة الإبداع والابتكار والاختراع، وحاضنة علوم الفضاء في الوطن العربي الكبير، وهي بالنسبة إليهم الحلم والأمل، وهي فعلاً كذلك.

هنا الفرق بين من يبني ومن يهدم، من يكرم الإنسان، ويرفع قدره بالعلم والتأهيل، ومن يقتل الإنسان تنفيذاً لأجندات حزبية مقيتة، هنا الفرق بين الحضارة والانحدار، بين من يزرع المعرفة في العقول، ومن يسرق العقول ويوجه أصحابها إلى الهلاك، شتان بين الاثنين، لا مقارنة بينهما أبداً، والمسافة بين الإمارات وبينهم، تماماً كالمسافة بين الأرض والمريخ!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

الأكثر مشاركة