خارج الصندوق

مطلوبٌ التميّز والتفرّد

إسماعيل الحمادي

تباين نوعية المشروعات العقارية واختلافها يعد أحد الأنظمة المتعارف عليها في الأسواق العقارية التي تنتهج أسلوب المنافسة بين المطورين لتحفيز نشاط السوق، حيث ينبثق هذا التباين من نمط تفكير المالك ونظرته للاستثمار العقاري من زاوية التميّز في المنتج لجني عوائد عالية، وفهمه الجيد للعلاقة بين العرض والطلب في السوق ومدى تأثيرها على استثماراته.

ومن العناصر التي تكوّن معادلة العرض والطلب؛ التفرّد في الإنتاج العقاري، وهذا العنصر للأمانة أصبح شبه غائب في منطقة الجدّاف التي لا يختلف اثنان على جاذبية موقعها الاستراتيجي، بمسافة سبع دقائق عن برج خليفة وأربع دقائق عن مطار دبي الدولي، علاوة على مداخلها الرئيسة من شارع الخيل وشارع الشيخ راشد. وبناء على هذا الموقع كان يجب أن تحظى الجدّاف بأهمية بالغة من طرف المستثمرين وتلقى نجاحاً يضاهي نجاح المناطق المحلية، مثل البرشاء ومنطقة النهدة في دبي، لكن هذا لم يحدث.

وقد يتساءل البعض: ما هو السبب في ذلك؟ السبب بسيط جداً ويمكن أن نعتبره ناجماً عن قلة وعي استثماري أو محدودية في التفكير. ظهرت منطقة الجدّاف على الخريطة الاستثمارية في دبي منذ عام 2006 تقريباً، وكان سعر القدم المربعة فيها يقدر بـ350 درهماً، ليبلغ ذروته في عام 2008 وتصل قيمة القدم المربعة الواحدة إلى نحو 1850 درهماً، بينما يراوح سعرها حالياً حول 500 درهم. في عام 2014 بدأت المنطقة في الظهور من حيث وتيرة البناء وعدد المشروعات العقارية قيد التطوير، واليوم تسجل المنطقة عدداً لا يحصى من المشروعات العقارية، لكن كلها مشروعات تفتقر للتميز واللمسة المبتكرة في البناء لجذب العملاء.

عندما تذهب اليوم لمعاينة المشروعات السكنية في الجدّاف لا تجد فيها مشروعاً مميزاً بتصاميمه أو بلونه يلفت انتباهك ويستحوذ على اهتمامك، حيث إنها كلها مشروعات متشابهة خاضعة لقاعدة «النسخ واللصق»، وكأن مالك تلك المشروعات شخص واحد والواقع غير ذلك. هذه هي النقطة التي يجب أن نقف عندها في تفسير عدم تحقيق منطقة الجدّاف لصفقات بيع وتأجير وحدات سكنية تليق بموقعها المميز على خريطة دبي، لأن الخلل ليس في الموقع بل في المشروع بحد ذاته، والمتسبب الرئيس فيه هو المالك بعينه لا غيره، وقلة وعيه أثناء البناء، وبين قوسين هنا يمكن الإشارة إلى نوعين من الملّاك: المالك الذكي الذي يستعين بأهل الخبرة ويدرس بدقة ما يحتاجه السوق ليقدم منتجاً عقارياً مميزاً يجعله على قائمة العقارات الأكثر طلباً في السوق، والمالك اللامبالي والقليل الحيلة الذي يُنفذ مشروعه دون الرجوع إلى الخبراء ودراسة حاجات السوق ونوعية الوحدات المطلوبة من حيث المساحات وعوائدها الإيجارية، فينتج عقاراً تقليدياً لا يرقى إلى تطلعات السوق الحالية.

وإذا أتينا لواقع مشروعات منطقة الجداف اليوم، فأغلب ملّاكها كانوا من النوع الأخير، لم يستندوا إلى دراسات السوق في تنفيذ مشروعاتهم وتحديد نوعيتها ليتحملوا نتائج التكدس اليوم، ويلقوا باللوم على السوق في دبي وأن المنطقة غير مرغوب فيها، وهذا غير صحيح، فليجرّب أحدهم اليوم شراء قطعة أرض في الجدّاف وتطويرها بمشروع مميز ومتفرد لا يشبه المشروعات القائمة بها، ثم ليرَ أين الخلل بالفعل، بالمنطقة أم بالمشروع بحد ذاته! نرجع دائماً ونقول إن مبدأ الاستثمار العقاري الناجح هو معرفة ما يحتاجه السوق في الواقع.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر