صناعة التعليم

«بيرسونا ريادة الأعمال»

د. عبداللطيف الشامسي

«تخريج شركات» دور جديد انطلقت به بعض مؤسسات التعليم استجابة لـ«وثيقة الخمسين»، التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي - رعاه الله - في يناير 2019، والتي وجهت في بندها السادس مؤسسات التعليم العالي للتحول إلى مناطق حرة اقتصادية تسمح للطلبة بممارسة نشاطهم الاقتصادي الابداعي، بما يمكّن من تخريج شركات ورواد أعمال، هذه الوثيقة وكل التوجهات الوطنية وضعت الابتكار وريادة الأعمال ضمن الخطط الاستراتيجية على مدار السنوات الماضية، واليوم تكشّف لنا عمق فكر قيادتنا الرشيدة المبني على استشراف المستقبل، ونحن نختبر جاهزيتنا في مواجهة التحديات وتجاوزها بنجاح، بما يدفعنا إلى المضي قدماً في تحقيق هذا الفكر، فالعالم بعد «كوفيد-19» يدعو إلى التركيز على الابتكار ودعم الشركات الناشئة.

إذاً دور مؤسسات التعليم يتعاظم، ليتجاوز الإعداد للتوظيف إلى الإعداد لما بعد التوظيف، وذلك بتمكين الطلبة من مهارات ريادة الأعمال، وهذا ما سميته «بيرسونا ريادة الأعمال - Entrepreneurial Persona»، وهي السمة التي تكتمل بها عملية بناء شخصية إنسان المستقبل «بيرسونا المستقبل»، فبالإضافة إلى الإعداد الرقمي للطالب وتمكينه من المهارات التكنولوجية بما نسميه «بيرسونا رقمية»، وكذلك تمكينه من المهارات الاحترافية العالمية «البيرسونا الاحترافية»، يأتي إعداده كرائد أعمال قادر على صناعة فرصته، ليكتمل البناء بسمة «بيرسونا ريادة الأعمال»، فكيف نبني هذه السمة في طلبتنا؟ وكيف نحول مشروعاتهم لمشروعات تجارية ذات جدوى اقتصادية؟

نحن نثق بمهارات جيل اليوم وبقدرته على طرح أفكار مبتكرة ذات جدوى اقتصادية، خصوصاً مع ظهور قطاعات أعمال جديدة بعد أزمة «كوفيد-19»، التي فرضت تحولات وضعتنا من جديد أمام تحدي إعداد الشباب لوظائف لم توجد بعد، وتمكينهم مهارياً لمواجهة تحديات لم تخلق بعد! فاليوم الكثير من الشركات العالمية التي تخطت قيمتها السوقية حاجز المليار دولار، مُلاكها شباب من أصحاب الفكر المبتكر غير التقليدي.

إذاً تمكين طلبتنا من «بيرسونا ريادة الأعمال» يعتمد على عدة عوامل: (1) إدماج الوحدات التعليمية لمواد ريادة الأعمال والابتكار ضمن المناهج الدراسية لكل التخصصات، وطرحها بطريقة ممنهجة تسمح بتطور هذه المهارات بشكل مستمر ومتداخل في أكبر عدد من المساقات. (2) توفير المساحات اللازمة للطلبة لممارسة نشاطهم التطبيقي وتأسيس المناطق الاقتصادية الحرة وفضاءات الابتكار، التي تجمع الطلبة مع كبرى الشركات لاختبار حلول لتحديات واقعية وتطبيقها على أرض الواقع، وصولاً إلى تخريج شركات ناشئة ورواد أعمال. (3) احتضان مؤسسات التعليم للمشروعات الطلابية المبتكرة لحين تحولها لشركات ناشئة، يمثل فرصاً تدريبية للطلبة الآخرين ويحفزهم على ريادة الأعمال. (4) توفير برامج تدريبية مكثفة بالتعاون مع مؤسسات متخصصة لتحويل المشروعات الطلابية المبتكرة إلى منتج تجاري. (5) خلق شراكات فاعلة مع المؤسسات الداعمة لمشروعات الشباب.

«بيرسونا ريادة الأعمال» هي هدفنا للمرحلة المقبلة، نريد شباباً وفتيات مستعدين لما هو أبعد من التوظيف، وقادرين على تأسيس شركاتهم الناشئة وخلق فرص عمل لغيرهم، ومساهمين في صناعة الثروة (Create Wealth)، فهؤلاء من سيدعمون تنمية الاقتصاد الوطني، وهم من سننافس بهم العالم.

Abdullatif.alshamsi@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 


دور مؤسسات التعليم يتعاظم ليتجاوز الإعداد للتوظيف إلى الإعداد لما بعد التوظيف.

تويتر