رأي اقتصادي

العقار.. ذلك الابن البار!

فيصل محمد الشمري

القروض العقارية أداة اقتصادية حيوية تنعش السوق وتبث الطمأنينة وتحفز النمو، لكن صغار المقترضين لهم تجربة صعبة ومحرجة تنتهي غالباً بالرفض أو المماطلة، الأمر الذي يستدعي مع أسباب أخرى إعادة النظر في الخدمات البنكية بشكل شمولي أسوة بالقطاعات الحيوية الأخرى بالدولة، التي بدأت تستعد لمرحلة ما بعد «كورونا»، وتسهم في تحفيز الاقتصاد وتسارع عجلة التنمية.

- «تحليل الخيارات التمويلية العقارية في الدولة ومقارنتها عالمياً، تدفعنا إلى أن نتطلع لشراكة بين الجهات المعنية».

ويتزامن ذلك مع تعزيز مفاهيم سعادة المتعامل وتعزيز رضاه وتحسين تجربته بما يفوق التوقعات بعيداً عن البيروقراطية المعطلة، وبما يحفز الطلب بشكل يعيد التطوير العقاري والعروض العقارية المتميزة للسوق.

إن المقارنات بين نسب الفائدة يجب أن تتفوق فيها العروض التمويلية على ما تشهده الساحة الاقتصادية خارج الدولة لتحريك المياه الراكدة عقارياً، فمثلاً نجد أن خيارات التمويل العقاري لدينا محدودة وبهامش ربح عالٍ، بينما في دول أخرى نسب الأرباح التنافسية للقروض العقارية والتمويل لسنوات طوال بشكل لم نسمع عنه لدينا، الأمر الذي أسهم لديهم في دفع عجلة البناء والتطوير في القطاع العقاري والعمراني، وبالتالي أوجد سوقاً نشطة ومستدامة لها امتيازات تمويلية موازية ومنافسة أسهمت في تعزيز ربحية القطاع البنكي بشكل غير مباشر، عبر قطاع البناء وقطاع تسهيلات صناعية واقتصادية ذات صلة بمخاطر أقل وبدورات اقتصادية أقصر.

إن حلم اللبن المسكوب في الـ26 ملياراً التي سمعنا وقرأنا أنها «ذهبت مع الريح»، وافتراض أنها كانت موجهة لقروض إسكان أو تطوير عقاري تدعم بشكل غير مباشر وفرة العرض وقدرة الطلب على الشراء بأرباح ميسرة ولمدد طويلة نسبياً، لرأينا قطاعاً عقارياً قوياً يضخ المليارات من التعاملات المالية بشكل مستدام وبعيداً عن الفورات الجنونية والفقاعات المتنامية، ولظهر نموذج للشراكة الاقتصادية نواته مماثلة لما تم مع أحد برامج الاسكان الوطنية وأحد البنوك، لكن بدور أكبر للقطاع المصرفي ونسبة أقل من التمويل الحكومي. فلو افترضنا أن هامش ربح البنك من التمويل العقاري اقتطع والدفعات المقدمة تناقصت لأكثر من 05%، ومدة التمويل تضاعفت نتيجة عروض تمويل عقارية غير مسبوقة، سيتبع ذلك زيادة في الطلب وأيضاً نمو هائل لهذا القطاع الحيوي، وبالتالي باب استثماري هائل للتمويل التجاري وحركة عمرانية مستدامة.

إن العديد من الأسر المقيمة وحتى الزائرة ترى في دولتنا وطناً وجنة أمن وأمان بما حبانا الله فيها من قيادة رشيدة ومكتسبات وطنية مقدرة، ولو لجأنا للتحليل الإحصائي العقاري أو استبانات الرأي لرصدنا ان أغلب من منحوا الإقامة الذهبية إما استثمروا أو يعتزمون الاستثمار في سكن خاص أو أكثر، الأمر الذي يدفعنا لتقدير التوجه الحكومي في منح مدد إقامة أطول بما يعزز الاستقرار للمقيمين ويطور فرص الاستثمار العقاري.

كذلك منح قروض بـ«ضمان أصل العقار» وتسهيل الاشتراطات مثل الدفعة المقدمة والراتب الثابت للزوار أو المقيمين من ذوي الدخل المحدود، كما يجب تمييز العميل الملتزم ذي السجل الائتماني المتميز مع البنوك ومنحه امتيازات أعلى وأكبر من البنوك.

إنه لمن المأمول فور تعديل اشتراطات الحصول على تمويل عقاري لتراعي شريحة أكبر من المستفيدين وقدراتهم المتفاوتة، ظهور طلب حقيقي يعيد للعقار بريقه وللابن البار مكانته.

ولأن العقار يمرض ولا يموت، فإن تحليل الخيارات التمويلية العقارية في الدولة ومقارنتها عالمياً، تدفعنا لأن نتطلع لشراكة بين الجهات المعنية بالتنظيم العقاري مع البنوك والمصرف المركزي، كما أن أسعار الأراضي المبالغ فيها لا تدعم النمو في هذا القطاع.

مستشار إداري داخلي غير مقيم في مركز الإمارات للمعرفة الحكومية بكلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

 

تويتر