صناعة التعليم

حياة طلابية.. عن بُعد

د. عبداللطيف الشامسي

كل يوم نزداد فخراً بقدرتنا في الإمارات على مواصلة التعليم في ظل الظروف الراهنة، وهذه المساحة من الزمن التي تمر علينا ونرى فيها دولتنا تواجه هذا التحدي بحلول وإنجازات يومية، تُلزمنا أن نفكر على نطاق أوسع في استثمار نجاح تجربة التعلّم عن بُعد، وأن نخرج عن حصرها في مجرد محاضرات وحصص دراسية، إلى رؤيتها كحياة طلابية عن بُعد، نستغل من خلالها قدرات جيل اليوم التكنولوجية وترحيبه الدائم بالتقنيات كجزء من حياتهم اليومية.

اليوم يعيش طلبتنا حياة رقمية مفتوحة، وكمؤسسات تعليمية تتحمل جانباً من المسؤولية المجتمعية، يكون لزاماً علينا استثمار الطاقات الشبابية وتوجيهها لما هو مفيد، وترسيخ مبدأ الأمان المجتمعي، بمعنى أن الطالب قبل التعلم عن بُعد، كان يتلقى تعليمه في الحرم المدرسي أو الجامعي الاعتيادي في حين تمثل الأدوات التكنولوجية جانباً من التسلية والترفيه في أغلب الأحيان. ولكن اليوم عندما أصبح التعليم عن بُعد، فإن العالم الرقمي لم يعد محصوراً في الترفيه والتسلية وأي أغراض أخرى غير مدروسة، بل أصبح يشكل الحياة اليومية للطلبة، وهنا يبرز دور مؤسسات التعليم بضرورة تجاوز الدور التعليمي إلى بناء «السلوك الرقمي»، عبر إثراء الحياة الطلابية الرقمية بشكل مبدع ومدروس.

نريد من مؤسساتنا التعليمية المساهمة بشكل مباشر في بناء شخصية الطالب في العالم الرقمي، فنقدم له من خلال منصاتنا التعليمية فرصاً جديدة ومتنوعة تدعم استثمار وقته في بناء شخصيته وتعزيز تفاعله مع زملائه، فكما كنا قبل مرحلة التعلم عن بُعد نقدم للطلبة الحياة الطلابية المتكاملة بما تشمله من أنشطة لاصفية وبرامج قيادية وإرشاد مهني وأكاديمي ومعارض توظيف، وحتى أنشطة ترفيهية، فإننا أحوج اليوم لتحويل هذا إلى واقع رقمي مشوق، يشغل أوقات الطلبة ويساعدهم في بناء شخصياتهم وتطوير ذاتهم، ووضع أهدافهم للمرحلتين الحالية والمقبلة، ليستفيدوا من هذه الفرصة بامتلاك معارف وخبرات جديدة ومهارات تعزز مسارهم وفرصهم الوظيفية المستقبلية.

فالطالب بعد أن ينهي حصصه الدراسية أو محاضراته «أونلاين» يجب أن يستمر دورنا في التواصل معه، عبر قنوات مفتوحة على مدار اليوم، بحيث يجد ذاته أمام منصة رقمية حيوية تقدم له الخدمات الطلابية والحياتية عن بُعد، من: إرشاد ودعم نفسي لتجاوز التحديات، وبرامج تفاعلية مع زملائه عبر الأندية الطلابية، وفرص التطوع عن بُعد، ومنصات للقراءة والحوار المفتوح، وحتى مراكز الدعم الأكاديمي عبر تدريس الأقران عن بُعد، وبرامج لتعلم مهارات ولغات جديدة والحصول على شهادات معتمدة، وكذلك فتح المجال للمحتوى الترفيهي عبر الرياضة وألعاب الفيديو والمسابقات.

اليوم الفرصة متاحة أمام مؤسسات التعليم للإبداع في إثراء حياة الطلبة عن بُعد بما يدعم الاستثمار الأمثل لأوقاتهم، ويعكس مسؤوليتها في توجيه السلوك الرقمي للشباب وتعزيز الأمن المجتمعي.

Abdullatif.alshamsi@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر