5 دقائق

صناعة التعليم نعم مستعدون!

د. عبداللطيف الشامسي

«هل نحن مستعدون لوظائف لم تُوجد بعد؟»

التحوّل نحو «التعلم عن بُعد» لم يكن إنجازاً وليد اللحظة، بل نتاج فكر «مستشرف» وجهد «مخلص» واستثمار في «الإنسان».

هذا عنوان مقال نشرته في تاريخ 28 أبريل 2013 في صحيفة «الإمارات اليوم»، طرحت فيه هذا التساؤل عن مدى استعدادنا للمستقبل بمتغيراته التكنولوجية وتحدياته الوظيفية.

واليوم أقولها بكل ثقة: نعم نحن مستعدون،
إن كل نجاح أو إنجاز بدأ بفكرة، وإن رآها الناس وقتها صعبة التحقيق أو حتى «خيالاً»، لكن قيادتنا علّمتنا أن كلمة «مستحيل» ليست في قاموسها، كما أن العالم يتطوّر وينمو تكنولوجياً بشكل مذهل، كل هذا حتم علينا أن نكون مفكرين ومستشرفين للمستقبل، حتى نكون مستعدين، والدليل أن ما كنا نتحدث عنه منذ سنوات قليلة على أنه المستقبل، نجده اليوم وفي زمن قياسي أصبح واقعاً.
فعندما تحدثت منذ سنوات قليلة عن توقعي لاختفاء «الحرم الجامعي»، وقصدت عندها تصوري لنموذج تعليمي يتجاوز حدود الزمان والمكان، بمعنى التحوّل إلى «الحرم الجامعي الرقمي»، الذي يقدّم التعليم كخدمة على غرار «أوبر»، يصل لكل من يرغب في الحصول عليه دون ارتباطه بمكان أو زمان، وتغير مفهوم «الحرم الجامعي» التقليدي، وتحوّل الجامعات لمصادر للتكنولوجيا ومساحات للتطبيق الداعمة للدارسين، فالحقيقة أن هذا التوقّع لم يكن مجرد فكرة، بل رافقه تخطيط وتأسيس أوصلنا إلى الإنجاز، وذلك استجابة لرؤى وتوجهات حكومة الإمارات وفي ظل دعمها المستمر، حيث أخذت على عاتقها أن تكون رائدة في شتى المجالات وسباقة في التنمية والاستعداد للغد، مرتكزة بذلك على البناء في الإنسان من خلال «التعليم»، فاستثمرت الدولة في بناء المنظومة الرقمية، ودعمت الجهود والمبادرات كافة التي تصبّ في هذا المجال، لإيمانها بأهمية الجاهزية للمستقبل ودور التكنولوجيا في ذلك.
اليوم مؤسسات التعليم بفضل الرؤى والتوجهات الوطنية والدعم اللامحدود والثقة التي منحت لها، نجحت في بناء منظومات رقمية متطوّرة تتماشى مع لغة العصر ولغة جيل «الثورة الصناعية الرابعة»، بحيث تكون هذه المنظومات قادرة على دعم تطوير واستمرارية التعليم والتعلم، بمرونة وفاعلية، تحت أية ظروف أو منعطفات في مسيرة بناء إنسان المستقبل.
فالتحوّل نحو «التعلم عن بُعد» لم يكن إنجازاً وليد اللحظة، بل نتاج فكر «مستشرف» وجهد «مخلص» واستثمار في «الإنسان»، فنجاح التعلم عن بُعد بنسبة فاقت الـ90% أكد أن الرهان على الإنسان دائماً ينتصر، فجاهزية المؤسسات والطلبة وأعضاء الهيئات التدريسية، وثقافة المجتمع - خصوصاً أولياء الأمور - والتعاون الكبير في التنفيذ، قادت إلى النجاح، خصوصاً أن التحدي كان كبيراً لأن التحوّل في التعليم وتقديمه «عن بُعد» لم يقتصر على الدروس والمحاضرات، بل تجاوز ذلك إلى التطبيقات والأنشطة اللاصفية والمشروعات والأندية والأنشطة الرياضية وغيرها.
هذه البداية، والقادم أكثر، وسيكشف لنا هذا النوع من التعلم ميزات وطاقات وقدرات جديدة في الطلبة، خصوصاً أنه بلُغتهم التي تثير شغفهم.
لذا أقولها بكل ثقة.. دائماً في الإمارات.. نحن مستعدون.. ومستمرون.

Abdullatif.alshamsi@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر