كل يوم

الأسف والتشديد الكلامي لا يكفيان أبداً!

سامي الريامي

«يؤسفنا جداً ما تم تداوله من مقاطع فيديو لبعض فئات المجتمع وترددها على الشواطئ، ومراكز التسوق والحدائق، ونشدد على ضرورة التزام المنزل، وتطبيق مبدأ التباعد الاجتماعي»، هذا ما ورد على لسان المتحدث الرسمي عن القطاع الصحي لدولة الإمارات، الدكتورة فريدة الحوسني، في الإحاطة الإعلامية التي عقدتها أخيراً.

ونحن كمجتمع يؤسفنا أيضاً وجود حالة اللامبالاة والاستهتار، التي تبدو واضحة جداً من خلال إصرار البعض على ممارسة حياتهم بكل أريحية، والخروج والتجمع بطريقة مستفِزّة تهدد المجتمع، وتُشكل خطراً عليه، وتتسبب في انتشار فيروس كورونا المعدي!

في وقت الأزمات تتخذ الدول إجراءات مشددة، والمجتمع بكل فئاته عليه فقط أن يتقبلها وينفذها بحذافيرها، دون أي اعتبارات أخرى، هذا ما حدث في الصين، لذلك فهي الآن تكبح جماح الفيروس، وتستعد لإعلان الانتصار عليه، وهذا هو النموذج الناجح، في مقابل ذلك هناك نماذج أخرى عديدة تهاونت، وتردّدت، وتأخرت في اتخاذ الإجراءات المطلوبة، فكانت النتيجة انهياراً تاماً لأنظمتها الصحية!

أمامنا النموذجان وعلينا الاختيار، لكن خيارنا يجب أن يكون سريعاً لأن سرعة انتشار الفيروس لا تمهل الدول كثيراً، ولا تعطيها وقتاً إضافياً للتفكير، هذا ما نشاهده بشكل لحظي وليس يومياً!

لا توجد دولة في العالم أكبر من هذا الفيروس الذي لا يُشاهد بالعين المجردة، فهو يملك القدرة على تدمير الأنظمة الصحية لدول عظمى، حتى إن كانت بحجم أميركا ودول أوروبا، ونحن بالتأكيد لسنا استثناء!

لذا، فالتعامل مع الفيروس يجب أن يكون أكثر جدية، وأكثر قسوة، لا عيب في ذلك، ولا مجال لأي اعتبارات أخرى، فالظروف استثنائية، والوقت صعب، والأزمة معقدة، ووفقاً لذلك فكل إجراء ستتخذه الدولة هو إجراء مقبول، وعلينا جميعاً السمع والطاعة، لأن الهدف الرئيس الآن هو كيفية حماية كل إنسان على أرض هذه الدولة، لذلك على كل إنسان في المقابل أن يلتزم التزاماً تاماً بما تقره الدولة، حتى تعبر بنا إلى بر الأمان!

نقدر الجهود المبذولة كافة، ونشيد بجهود وزارة الصحة والهيئة الوطنية للأزمات والكوارث، وندرك تماماً أن هناك صعوبات تواجههما وتعيقهما من اتخاذ قرارات أكثر صرامة وشدة، لكن لابد أن نكون أكثر حزماً في وقت الأزمات، لأن سلامة الجميع وصحة الجميع ومستقبل الجميع، كل ذلك مرهون بهذه الإجراءات والقرارات التي يجب اتخاذها سريعاً.

لا يكفي أن نشدّد على ضرورة بقاء الناس في بيوتهم، بل لابد من تطبيق قرارات ملزمة توقف أشكال التجمعات والازدحامات كافة، يجب منع أسباب التجمعات بالقانون لا بالتمني، هي فترة مؤقتة لا تتجاوز أسبوعين، فلا مانع من أن نرفع مستوى التعامل مع الأزمة إلى أبعد الحدود، لابد من ذلك، فهو السبيل الوحيد لمكافحة الفيروس.

هناك خسائر مالية كبيرة، وهناك متضررون بشدة، هذا صحيح، ولكن العالم كله يمر بالظروف نفسها، والدولة حالياً تبذل كل جهدها لتعويض الضرر المادي، ولكن إن استمرت الحياة طبيعية، فلا شك في أننا سنخسر أكثر، وسنتضرر أكثر، وسننتقل من مرحلة الضرر المادي إلى مرحلة الضرر الصحي والبشري، فأيهما أخطر؟

هل لنا أن نعي خطورة الوضع، ونضغط على أنفسنا أسبوعين لإعطاء فرصة للطاقم الطبي والصحي في المستشفيات للتعامل مع الفيروس والحد من انتشاره، أم نستمر في المكابرة والإصرار على عدم الالتزام بالتعليمات والتحذيرات؟

لا وقت لدينا للتفكير، وعلى الجهات الحكومية التدخل بقوة لتطبيق التعليمات بشكل أكثر صرامة، لأنه من الواضح أن الفئات المستهترة أكبر بكثير جداً من الفئة الملتزمة!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر