سريالي

ثلاثة شباب في مونتينيغرو

أحمد المظلوم

يوليو 2015

قمنا بتأجير سيارة فرنسية الصنع من نوع «سيتريون» ملكية السواد بشكل الخنفساء، غيار أوتوماتيكي، وبها شبه كبير مع الغيار العادي بشكل عصي على الفهم، لكن ما يهم الآن هو ما حدث في ما بعد. قررنا أنا واثنان من أصحابي الأعزاء أن نذهب إلى مدينة دوبروفنيك الساحلية في كرواتيا والتي قد يعرفها بعضكم بـKings Landing في مسلسل لعبة العروش، وهي من الجمال آية ومن الازدحام عظة ومعبرة وتوبة! وتبعد دوبروفنيك عن مونتينيغرو ساعة ونصف ساعة بالسيارة في طريق مليء بالبثور والتجاعيد الاسفلتية! لكننا على أي حال استمتعنا بالطريق كاشفين غطاء السيارة والشمس تصفع رؤوسنا طول المسافة، وعند وصولنا إلى الحدود بين مونتينيغرو وكرواتيا تجلى لناظرينا طابور طويل بلا منتهى، فقال لي صديقي جاسم بحذق وهو من كان يقود السيارة: «خلنا نسير هناك شكله المكان فاضي»، بعد أن وجد نقطة حدودية خالية من السيارات، وعند اقترابنا منها تبين أن النقطة مخصصة لدول الاتحاد الأوروبي فقط، فعدنا إلى آخر الطابور، وبينما كنّا نتبادل الأحاديث لتمضية الوقت كانت السيارات من أمامنا تتحرك إلى الأمام محدثة فجوة بيننا وبينهم، فكنا نسمع أبواق السيارات العالية تسبنا، وباستعجال حاولنا أن نتحرك لكن حدث ما لم يكن في الحسبان! فالسيارة كانت لا تتحرك علماً بأنها على الـD! فقلت لصاحبي جاسم بثقة وبرود «بلاك مرتبك!»، فقال «أنا مب مرتبك!»، فترجلت من السيارة وتبادلنا المقاعد لأقود السيارة أمام الملأ! وبعد أن دست على المسرع بهدوء الفيلسوف، تحركت السيارة بشكل سلس، فالتفتُّ إلى جاسم وألقيت عليه نظرة المنتصر ثم عاودت القيادة، ثم تقدمنا وتقدمنا حتى بقيت أمامنا سيارة واحدة ليحين دورنا عند موظف الجوازات، فانتظرنا قرابة خمس دقائق قضيتها وأنا أتجول في دهاليز هاتفي، فربتني محمد الذي كان يجلس في الخلف، وقال «يلا بوشهاب تحرك»، فرفعت رأسي وضغطت على المسرع كعادتي بهدوء الفيلسوف لكن.. حدث ما حدث لجاسم! فقد كانت السيارة لا تتحرك بل تكاد تسمع فيها «حنة» خفيفة وهي في مكانها، فتزايدت نبضات قلبي محاولاً الحفاظ على وقاري ورباطة جأشي وطابور السيارات من ورايي يلوح برايات القتال، وموظف الجوازات يرمقني بنظرة شزراء! فنظر إليّ جاسم بكل استخفاف وقال «بلاك مرتبك!»، فتصاعد الدم الى رأسي وسمعت صوت طنين في أذني، وعلى عجالة ضغطت بأقوى ما عندي على المسرع فسمعت صوت الإطارات وهي تدور على نفسها محدثة صوت صرير حاد والدخان يتصاعد من تحتها في مشهد «ريس بريك» لا تجده حتى في حلبة أم القيوين! وأمام من؟ أمام النقطة الحدودية الفاصلة بين دولتين، ثم انطلقت السيارة بسرعة صاروخ لتقف عند موظف الجوازات الذي كاد يوصلنا بركلات عديدة إلى كرواتيا لولا دوامه الرسمي! فانتهينا من إجراءات الدخول بتوتر ثم قضينا أوقاتاً سعيدة في أزقة وشواطئ هذه المدينة الفاتنة، وبعد عودتنا إلى مونتينيغرو عند قدوم الليل حدث أمر آخر مضحك.

Ahmed_almadloum

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر