لحظات البيانات

حوكمة البيانات

يونس آل ناصر

رحلة بناء مستقبل قائم على البيانات ليست مجرّد فتح وتبادل البيانات بين الجهات الحكومية، رغم أن اكتمال ذلك هو إنجاز استراتيجي والوجهة التي نعمل لأجلها بحلول العام 2021، لكنها تشبه أي تحدٍّ غير مسبوق عالمياً رأيتموه حولكم في دبي على مر السنوات، فأطول برج في العالم لم يصبح حقيقة لتوافر المواد الإنشائية أو البنائين فقط بل باستراتيجية واضحة وخطة عمل وفريق متكامل الأدوار، بالإضافة إلى منظومة عمرانية أحاطت بالبرج وجعلته واحداً من أهم المعالم في العالم.

- «البيانات وأي أمور

تقنية يجب أن يكون

لها هدف واحد

هو خدمة الإنسان

والارتقاء بحياته».

وفي «دبي الذكية» أسسنا نموذج بياناتنا آخذين بعين الاعتبار كل ما تعنيه البيانات في حياة الإنسان على الصعيد الشخصي والعملي، لذا بنيناه على أربع دعائم تشكل نموذج بيانات فريداً لامثيل له عالمياً. وهذه الدعائم هي: أولاً: خلق القيمة، وهنا لا أقصد المادية فقط ولكن بإيجاد حالات استخدام الأهم للناس والمؤسسات، ودعم القرار الذكي الذي يؤدي لازدهار اقتصادي ومعيشي، ثانياً: حوكمة البيانات والتي سأتوقف عندها في سطوري التالية، وثالثاً: تصميم بيانات المدينة والبنية التحتية الخاصة بها، وهي منصّة «دبي بالس» ومنصة لامركزية البيانات التي نعمل لإيجادها، ورابعاً: الاندماج والتفاعل حول منظومة البيانات من جميع الأطراف وذلك عبر مختبر البيانات ومبادرات مثل تحدي البيانات أوّلاً.

ليست مصادفة أن الدعامة الثانية في نموذجنا هي الحوكمة، لأننا نعلم أن البيانات هي تفاصيل عملنا الحكومي وتتعلق بحياة الإنسان بكل جوانبها، والأهم لدينا هو ضبط وحماية رحلة البيانات لتكون في خدمة الإنسان قبل أي أمر آخر.

الحوكمة في نموذج البيانات تُشبه أن يبني الواحد منّا مكاناً لاستقبال الناس على مدار الساعة وإسعادهم، تفاصيل وأثاث وجمالية المكان ليست ذات قيمة إن لم يكن هناك قواعد شفافة معروفة للجميع تُنظّم استفادتهم منه، وتضمن ألا يُسيء أحد للمكان، والأهم لا يُسيء للناس فيه.

وفي الحوكمة ركّزنا على جانبين: تنظيم السلوك البشري في التعامل مع البيانات من جهة بإصدار سياسات البيانات، وتنظيم دور الآلة والتقنية في معالجة البيانات بإصدار أخلاقيات الذكاء الاصطناعي. فجاءت سياسات البيانات وأوجدت فهماً موحداً لقطاع البيانات لدى الجميع في القطاعين الحكومي والخاص، وتضمنت ضوابط توفّر أقصى حماية وأمان للبيانات في العالم، وفي أخلاقيات الذكاء الاصطناعي سعينا لمعالجة كل ما ينجم عن التعامل الآلي مع البيانات والتقنيات المستفيدة منها مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء.

البيانات وأي أمور تقنية تسمعون عنها يجب أن يكون لها هدف واحد هو خدمة الإنسان والارتقاء بحياته، وهذا بالنسبة لنا المعيار الأوّل لقياس نجاحنا. التقنية مجرّد وسيلة وسعادتكم الهدف.

مساعد المدير العام لـ «دبي الذكية» المدير التنفيذي لمؤسسة بيانات دبي.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر