بو عرّاب وهستيريا الجوكر

ضجت «سوشيال ميديا» بتغريدات بو عراب المهووسين بفيلم جوكر، وهو فيلم ممتاز، لكن له عيوبه وحتماً ليس تحفة النظار، وتساءلت كثيراً هل يستحق تلك الضجة؟ وما السر وراء جنون وهوس بو عراب بالفيلم؟ إليكم تحليلي الشخصي.

فاز الفيلم بالأسد الذهبي في فينيسيا السينمائي بسبب كره عضوة نافذة في لجنة التحكيم لرومان بولانسكي المشارك بفيلم ضابط وجاسوس، والمتهم بجريمة اغتصاب في الولايات المتحدة، فحشدت حملة ضده استفاد منها «جوكر».

هناك ترقب للفيلم من قبل عشاق الشخصية وأفلام باتمان والقصص المصورة. حاز الفيلم تقييمات عالية في فينيسيا، لكن ذلك لم يصمد طويلاً، إذ انخفض تقييمه للنصف في الصحافة الأميركية وتباطأت إيراداته في شباك التذاكر. ما يدل على أن الفيلم بالنسبة لخبراء السينما ليس مميزاً بالدرجة التي يصورها بو عرّاب على «سوشيال ميديا».

لم يدرك بو عرّاب أن الرؤية الفنية للفيلم مستمدة من فيلم «تاكسي درايفر» عام 1976، أي أنها ليست جديدة، ونسوا أن هناك عشرات الأفلام الشبيهة بـ«جوكر» منذ عقد الستينات أشهرها «سايكو» و«أميريكان سايكو» و«ملك الكوميديا» وغيرها، أي أنه لا يضيف شيئاً لصنف أفلام الجريمة، ومن ناحية نفسية، حتى جوكر الراحل هيث ليجر أعمق من هذا الجوكر.

يعكس تغزل بو عرّاب في الفيلم الجهل الشديد بتاريخ السينما وعقلية القطيع السائدة بيننا، فإذا قالت مجموعة إن الفيلم أعجوبة ستردد بقية المجموعات الكلام نفسه، والسبب قلة الخبرة وتهافت الجميع على إثبات أنهم يفهمون في السينما، والواقع أنهم لا يعلمون ما يقولون.

مغرّد شبه الفيلم بسيمفونية كلاسيكية حزينة تستمتع بأنغامها! ولا أفهم ما علاقة السيمفونيات الحزينة بفيلم عن تكوين شخصية مجرم بطابع رعب. آخر ذكر أنه أفضل فيلم لشخصية جوكر ولا يعلم أنه الفيلم الأول والوحيد لهذه الشخصية!

مغرّد شبه السيناريو بمدرسة! ونتساءل ماذا عن بقية التحف السينمائية الأخرى التي تفوق «جوكر» جودة؟! مغرّد لاحظ أن البقية سبقته في استخدام كلمات: «دراسة نفسية عميقة» و«أداء إعجازي» وفيلم «أوسكاري» وألفاظ مبتذلة مثل «معانٍ فلسفية» و«البساطة الخادعة» و«العبثية».. فلجأ إلى ذكر مشهد صعود الجوكر سلالم وأخذ على عاتقه تفسير معنى الصعود والهبوط!

ويبدو أن «علمه الغزير» لم يسعفه لتذكر أن روكي بالبوا يصعد السلالم ويهبطها منذ عام 1976! أو ربما السلالم سبب فوز روكي بالأوسكار! ونسي مشهد السلالم الشهير في فيلم The Untouchables عام 1987.

جميع المغردين العرب لا يكتبون نقداً، بل يستعرضون قدراتهم على ربط الفيلم بالسياسة والاقتصاد والبيئة والسيمفونيات الحزينة والعقلنة والشرعنة والمجتمع الدولي ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والثورات العربية، لكن لن يتحدثوا عن قيمة الفيلم الفنية. المشكلة أن كل ما يذكرونه ليس له أي علاقة بما شاهدوه. والسبب أنهم جهلة أو ذاكرتهم السينمائية لا تمتد لما قبل ولادتهم، خصوصاً هؤلاء على «تويتر».

بالعربي: لو قرأت لمغرّد عربي ولم تفهم شيئاً بسبب ألفاظه المعقدة أو لأنه لا يحسن الكتابة بلغته، فاعلم أنه جاهل متمترس خلف مصطلحات صعبة ليثبت علماً غير موجود. قرّرت منذ زمن طويل العزوف عن بو عرّاب وجوكرهم واللجوء إلى كتابات الغرب.

إذا قالت مجموعة إن الفيلم أعجوبة ستردد بقية المجموعات الكلام نفسه، والسبب قلة الخبرة.

Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

الأكثر مشاركة